الجمعة، 20 مارس 2015

المغرب و جامعة الدول العربية


من إنجاز مجموعة من طلبة ماستر الدبلوماسية المغربية.
2012-2013
المقدمة:
جامعة الدول العربية هي منظمة إقليمية، تجمع بين الأقطار العربية وهي بمثابة إطار للتعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتنسيق السياسي، على أساس من احترام سيادة الدول الأعضاء واستقلالها والمساواة بينها وذلك وفقا لما نص عليه ميثاقها المنشئ، الذي تم التوقيع عليه بالقاهرة في 22مارس 1945 (من قبل سبع دول مستقلة آنذاك وهي: مصر، سوريا، الأردن، العراق، لبنان، المملكة العربية السعودية واليمن) والذي يستند في خطوطه الكبرى إلى بروتوكول الإسكندرية الموقع في 7 أكتوبر 1944 من قبل خمس دول (مصر،سوريا، الأردن ، العراق ولبنان).ث[2]م توالت عملية الانضمام لبقية الدول العربية كالمغرب الذي انضم سنة 1958.
فقد أُنشئت أساسا لتكون المنظمة التي تعمل على تحقيق الوحدة العربية وضمان استقلال دولها من المحيط إلى الخليج ،ولمواجهة التحديات التي يواجهها الوطن العربي ،لاسيما تحدي الكيان الصهيوني (إسرائيل) وأن الجامعة وخلال مسيرتها الطويلة لأكثر من 60عاما سعت وعلى القدر المستطاع إن تدخل تصلح ذات البين بين الإخوة العرب ،كمشكل السعودية ومصر،الجزائر والمغرب،جنوب دارفور قبل انقسام جنوب السودان...إلى غيرها من محاولات الإصلاح ، وعلى الرغم من أجهزتها ولجانها التي لا تحصى بائت معظم محاولاتها الإصلاحية بالفشل ،ف لم تكن لتبلغ الهدف المنشود إلى يومنا هذا وذلك عائز إلى أكراهات عدة سنخصص لها مطلب كامل.
ولعل مايهمنا في هذا الاطار هو علاقة المغرب بالجامعة ،و نتسائل هنا بداية عن نشأة هذا المنظمة ؟ وماهي أهدافها ؟ وماهي ألياتها في ذلك؟
ثم نتسائل عن طبيعة هذه العلاقة بين المغرب والجامعة ؟
ولعل الاشكال المحوري هو:
الى مدى يولي المغرب اهتمام بالجامعة و بالقضايا العربية؟
وأي تأثير يسببه ملف الصحراء في الوحدة المغاربية ومن ثمة العربية؟
وهل تدخلت الجامعة في فك النزاع واصلاح ذات البين بين المغرب والجزائر؟
وانطلاقا من تفكيك هذه الاشكالات نعتمد المناهج التاريخية والتحليلة بالاضافة الى المنهج النسقي.
ولاجابة عن الاشكالات المذكورة نقترح التصميم الاتي :
المقدمة
المبحث الاول : تكوين الجامعة وتفاعلات المغرب فيها.
F المطلب الأول : أهداف واكراهات الجامعة.
F المطلب الثاني : اهتمام المغرب بالقضايا العربية.
المبحث الثاني: قضايا المغرب ضمن منظومة الجامعة.
F المطلب الأول: موقف الجامعة من استقلال المملكة المغربية.
F المطلب الثاني :تأثير ملف الصحراء على الأمن القومي العربي.
الخاتمة.
المبحث الأول : تكوين الجامعة وتفاعلات المغرب فيها.
المطلب الأول : أهداف واكراهات الجامعة.
مع اشتداد الضغط النازي والفاشي على الدول الأوروبية أثناء الحرب العالمية الثانية رأت بريطانيا وفرنسا ألا تحدث مزيدا من الاضطرابات داخل مستعمراتها في البلاد العربية، فوعدت قادة تلك الدول بالاستقلال عقب انتهاء الحرب، وأعربت عن تشجيعها لأي اتجاه نحو الوحدة العربية ..
وتحرك بعض القادة العرب مستغلين تلك التصريحات باتجاه إنشاء جامعة الدول العربية، فدعى بعض الحكام العرب –كما ورد في المدخل والمقدمة-الى التحرك نحو انشاء تكتل عربي.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على دول المحور حاولت الدول الغربية المحتلة التخلي عن وعودها بمنح الاستقلال للدول العربية بالرغم من وقوف الأخيرة معها واستنزاف ثرواتها في المجهود الحربي.
وكان الرأي العام العربي قد تهيأ لقيام وحدة عربية وبدأ يضغط عن طريق الأحزاب والصحف في هذا الاتجاه.فكان له ذلك بعد جهد مضني.
وتم تسطير أهداف الجامعة كما تم بالمقابل تأسيس هياكل كآليات لتحقيق تلك الأهداف التي تسعى في مجملها إلي خل النزاعات الداخلية و تحقيق الوحدة العربية واستثباب الأمن بطرق سلمية[3] .
و إذا ما تم الاطلاع على الاتحادات والمراكز والهيئات والمؤسسات المالية التابعة لها . لأمكن تصور أن الجامعة العربية هي من المؤسسات الإقليمية الفاعلة في النظام العربي.
ويفترض أنها قد مارست أدوارا أكثر فاعلية في حل العديد من المشكلات التي عانت وتعاني منها البيئة العربية بشقيها التنموي والأمني، لاسيما أذا أدركت بأن عدد هذه المنظمات والمراكز والمجالس والهيئات قد تجاوز العشرين.
ويمكن القول ، بأن الجامعة العربية بحد ذاتها تعد حدثا ذو أبعاد إقليمية ودولية متعددة يمثل سبقا عربيا معاصر في مجال التنظيم الدولي فتشكيلها سابق لتشكيل الأمم المتحدة والكثير من المنظمات والاتحادات الإقليمية الأخرى.
وبهذا المعنى يمكن الإقرار أبتداءا بصلاحية البيئة السياسية التي ساعدت على قيام هذا التنظيم والشعور بالحاجة القومية لتلبية متطلبات تلك البيئة وليس العكس صحيحا .
لكنها وللاسف قد واجهت وتواجهة تحديات كبيرة ساهمت في تقليل فاعليتها ، وأهم هذه التحديات :
1. الضعف في الأداء ، ومرده الخلل الواضح في المستوى البنائي ، وكذلك المستوى الوظيفي .
2. تردي البيئة السياسية العربية فيما بعد، وتحديدا بعد حدوث الثورات في العديد من أقطارها، كالعراق ومصر واليمن والجزائر وسوريا.
3. انتشار ظاهرة الاستقطاب، والتي شملت حتى الوطن العربي، فأما الانحياز باتجاه المعسكر الغربي ، أو الاتجاه نحو المعسكر الشرقي الاشتراكي وبالتالي ، أسهمت في تردي الأوضاع العربية .
4. فضلا عن ذلك ، ظهور التكتلات العربية داخل المنظومة العربية ، نفسها مثل( مجلس التعاون لدول الخليج العربي ) ، (مجلس التعاون لدول المغرب العربي ) ... الخ هذه التكتلات ساهمت في خلق حالة من الإهمال باتجاه الجامعة العربية .
5. نشأة وتطور الصراع العربي – الصهيوني، وتكوين دولة:إسرائيل، ككيان مدعوم دوليا وإقليميا
6. الصراعات والخلافات بين الدول العربية نفسها ، نتيجة لأسباب مختلفة ، قادت إلى الحروب لاسيما حروب الحدود ، مما اثبت فشل ألجامعه على إيجاد مخرج وحلول ناجحة لإيقاف هذه الحروب بشكل سريع وفعال مثل الصراعات بين المغرب وجبهة البوليساريو، والخلافات ألجزائريه - المغربية – والخلاف العراقي مع الكويت الذي قادت إلى دخول القوات ألعراقيه الكويت عام 1990. .
7. الضغوط الدولية المختلفة على الدول العربية، لاسيما الضغوط الأمريكية و
8. الأوروبية والتي ساهمت في تحديد مواقف الدول العربية إزاء بعض القضايا العربية المهمة
وعلى أساس ما تقدم، يمكن أدراك حجم المعوقات التي ساهمت في ضعف فاعلية الجامعة كمنظمة تقوم بحل المشكلات ذات الطبيعة التنموية وأمنية في البيئة العربية.
وعليه تردى فاعلية المنظمة وتحولت من منظمة ذات أهداف عامة شاملة الى ما يشبه الوكالة المتخصصة لاجتماع ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية وقد أنعكس ذلك سلبا وبشكل قلل من كفاءة المنظمة والوكالات التابعة لها .
وعلى صعيد أخر، فأن الجامعة.. لم يكن لها تأثير واضح وكبير من خلال أنشطتها في الإصلاحات السياسية داخل الدولة العربية وباتجاه الأخذ بالنموذج الديمقراطي مثلا والتأكيد على ضمان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ومحاسبة الدول التي تحصل فيها خروقا ضد حقوق الإنسان .
والواقع يشير الى أن الجامعة العربية قد أنعكس نشاطها نوعا ما في تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية والتي لا ترتقي فعلا إلى مستوى الوحدة الاقتصادية ، كما هو الحال في أوروبا ( الاتحاد الأوربي ) . كذلك لم تتم المصادقة حتى الآن على الخطط الخمسية التي هي برمجة واقعية لتنفيذ الإستراتيجية الاقتصادية ، ولم تعمل ألا بشكل هامشي بمعاهدة الدفاع العربي المشترك.
إن دور جامعة الدول العربية على صعيد الإصلاحات لسياسية خاصه ،مختصرا على تحسين العلاقات بين الدول العربية نفسها والسعي لإيجاد مخرج لجميع المشاكل ألسياسية التي تظهر بين الحين والأخر داخل المنظومة العربية . ولم يكن إسهامها في الإصلاح السياسي والاقتصادي إلا يسيرا .من جهة.
وهذا ما حدث بالفعل في اغلب الدول العربية ، كما في مصر وبلدان المغرب العربي والتي أصبحت التعددية والديمقراطية والحرية والإصلاح الاقتصادي شعار المرحلة ، كما إن الإصلاحات ألاقتصاديه في بلدان الخليج العربية ، أخذت حيزا كبيرا ساهمت في تقدم هذه البلدان. في حين بقيت الجامعة العربية كمنظمه حاضنه للتجمع العربي ، تنهال عليهم التهم بالضعف وعدم الفاعلية في كل مره يتعرض لها النظام الإقليمي العربي ،لهفوات وتحديات خارجية وداخليه ليس إلا . ولذلك كان دور ألجامعه ضعيفا
وهي بحاجه إلى تغيير . وعلى أساس ما تقدم . نعتقد أن الجامعة بحاجة الى الإصلاحات والتغيير من خلال ثلاثة آليات وهي :
1. آلية تسوية المنازعات العربية ، من خلال محكمة عدل دولية .
2. آلية للأمن الجماعي، من خلال مجلس أمن عربي.
3.آلية للتكامل والاندماج الاقتصادي بدأ بالسوق العربية الى الاتحادات الاقتصادية.
والحقيقة... أن الجامعة العربية ، كمنظمة هي بحاجة الى التغيير والإصلاح الداخلي أكثر من كونها تتبنى عملية التغيير بالاتجاه أخذ النظم السياسية العربية بالإصلاحات السياسية القائمة على أساس ، ضمان حقوق الإنسان وحرياته الاساسية والأخذ بالتعددية ألسياسيه والانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، والانتقال إلى اقتصاديات السوق ... الخ .[4]
المطلب الثاني : اهتمام المغرب بالقضايا العربية .
بداية تجدر الإشارة إلى أن المغرب قد استضاف تجمعات المنظمة سبعة مرات،أربعة منها مؤتمرات قمة اعتيادية وثلاث مؤتمرات غير عادية كان آخرها في فاس سبتمبر 1982.ولقد دافع دائما عن قضايا الأمة العربية والإسلامية .
كما و يعد التضامن العربي والوحدة العربية من المصالح الوطنية الإستراتيجية للمملكة المغربية، وقد دافع المغرب على الدوام، من موقع وزنه الروحي والسياسي، عن قضايا العالم الإسلامي و حـرمة الأماكـن الإسلامية المقدسة. الدفاع عن الرسالة العربية القومية والتي جوهرها،بالنسبة للمغرب الدفاع عن فلسطين وعروبة القدس وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والعمل على تحرير الوطن العربي من الهيمنة والنفوذ الأجنبيين، وكذلك العمل من اجل التوافق العربي سواء أخذ ذلك شكل الوحدة أو التضامن العربي أو تنقية الأجواء العربية وإحياء العمل العربي المشترك.[5].وقد قدم الكثير من الدعم السياسي وإرسال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني المنكوب إبان الانتفاضة المباركة و كذلك إبان الحصار على غزة .
فالمغرب له موقف واضح من القضية الفلسطينية حيث حرص على عدم اعتماد أي إصلاح للمنطقة العربية خارج تسوية عادلة للقضية الفلسطينية التي تعتبر جوهر الصراع والتوتر الدائر في منطقة الشرق الأوسط منذ عدة عقود.[6]
من جهة ثانية،وبما أن دول الاتحاد المغاربي أعضاء في الجامعة في نفس الوقت،فان المغرب اعتبر دائما منطقة المغرب العربي المجال الطبيعي والحضاري له، وأحد أولويات سياسته الخارجية بسعيه المتواصل لبناء فضاء إقليمي متكامل ومتجانس.على القدر المستطاع عن طريق اتفاقيات تجارية وسياسية و فتح سفارات وقنصليات والاهتمام المتبادل حول قضايا الجاليات العربية و الملفات الكبرى في المنطقة،و محاولة حل المشاكل المغاربية والمتوسطية معا.فالتعاون هنا هو تعاون ضمي للجامعة .
كما انه عضو في مجلس التعاون الخليجي،وهذه العضوية قد منحته قناة في توسيع سياساته الخارجية مع دول الخليج وربط علاقات دبلوماسية وتعاون في المجال السياحي و التشغيل خاصة مع دول قطر والإمارات المتحدة و المملكة السعودية.
كما وقد لبى المغرب نداء الملك سعود في توحيد الموقف العربي والإسلامي لتأييد مصر كاستنكار للعدوان الثلاثي 1956م،
ولا ننسى أيضا أنه قد قطع ذات مرة العلاقات الدبلوماسية مع دولتي بريطانيا وفرنسا كونهما من أطراف الاعتداء الثلاثي على مصر الشقيقة، ولعدم رضوخهما لقرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار في تاريخ نوفمبر 1956م.
من جهة أخرى نجد ان هناك اهتمام دبلوماسي وإنساني نحو دولة سوريا،فلقد أرسلت المملكة لواء مدرع و11000 جندي للقتل في الصفوف السورية كمساعدة عسكرية ضد الكيان الصهيوني لتحرير سيناء والجولان من الكيان الصهيوني إبان حرب أكتوبر 1973م.
واستمرت أوجه المملكة إلى يومنا هذا،حيث نتذكر جيدا اجتماع أصدقاء سوريا في مراكش في 12/10/2012 بحضور حوالي 114 دولة منكل بقاع العالم بدعوة من المملكة ،لمحاولة إيجاد حل للازمة السورية ،حيث طالب وزير ا الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر أصدقاء سوريا في مراكش في المغرب، مجلس الأمن بـ"اتخاذ موقف موحد وحاسم لتجنيب الشعب السوري مآسي جديدة". .رغم أنه قد اعتبره بعض 'جهد عبثي لم يضف أي جديد.[7] لكنه يبقى مجهود ومبادرة من المملكة في اطار التضامن والدفاع عن الأقطار العربية.
المبحث الثاني: قضايا المغرب ضمن منظومة الجامعة العربية.
المطلب الأول : موقف الجامعة من استقلال المملكة المغربية:
من المهام الأساسية لأي منظمة دولية أو إقليمية، تسوية ما قد ينشأ من منازعات وصراعات بين الدول الأعضاء، بالطرق السلمية، وعندما نشأت جامعة الدول العربية عام 1945، كانت الأيديولوجية السائدة في العالم العربي هي حكم القانون، ويرجع ذلك إلى لتأثر القادة العرب بالمذاهب الدستورية الغربية، وبفلسفة عصبة الأمم أيضاً.[8
و لعل هذه الفلسفة هي التي جعلت التعاون العربي داخل الجامعة عاجز عن ايجاد حلول في الحمائية الفرنسية المغربية.الا انه كانت هنا عملية تدويل لمسألة استقلال المغرب.
فمجمل القول ان البداية كانت في انعقاد مؤتمر في القاهرة يضم احزاب المغرب العربي فيمابين 15.22 فبراير 1947م، وانبثق عن 'مكتب المغرب العربي' واعتبر ذلك نوايا حسنة لخطب عبد الرحمن عزام الامين العام للجامعة أنذاك، في رابطة الجفاع عن مراكش.
وفي الحين بدأ التزام الجامعة العربية بقضايا التحرر في شمال افريقيا.وتحول مكتب المغرب العربي الى سفارة لثلاث دول منهاالمغرب ،وانجزت الاحزاب المعنية عملا مشتركا بعد اسابيع منتكوين جبهتها الموحدة وهو تدبير نزول الزعيم الراحل محمد بن عبد الكريم الخطابي [9]
فعلى مايبدو أن مرتكزات هذا التدويل تكمن في مسألتين رئيستين،أولهما تندرج في نطاق علاقات الجامعة العربية كمنظمة اقليمية مع الامم المتحدة ،وانعاكاسات وضعية المنطقة الاقليمية على مكانة الجامعة العربية داخل هيئة الأمم المتحدة ،ومى استفادتها من هذه الصفة لادخال مسألة استقلال قطر عربي الى منظمة الامم المتحدة .
أما النقطة الثانية فتتعلق بشعور الجامعة العربية بقصور المساعي السياسية التي بذلتها خلال المرحلة الاولى والتي انحصرت في اتصالات الامين العام مع السلطات الفرنسية ،وأصدار المجلس لقرارت بقية دون فاعلية ملموسة ،لذا فان هزالة هذه النتائج ولدت لدى أعضاء الجامعة العربية ضرورة رسم خط دبلوماسية جماعي محمكم،لمواجهة قضية استقلال المغرب،خاصة وان الحركة الوطنية المغربية كانت قد عبرت للجامعة عن ضرورة الاطار الثنائي الفرنسي –المغربي لقضية الاستقلال والعمل على اشراك المنتظم الاممي في دراسة هذه القضية ،الامر الذي كان يتطلب تركيز العمل الدبلوماسي العربي داخل الجمعية العامة للامم المتحدة 
فعلى المستوى الاول يمكنناالقول ان علاقات الجامعة العربية مع منظمة الامم المتحدة تستمد مشروعيتها من ركيزتين على الاقل:
-الاعتراف القانوني والمتبادل بين المنظمتين والذي ورد في ميثاقيهما
- تماثل الاهداف والمبادئ التي تضمنها كل من ميثاق القاهرة وميثاق فرانسيسكو.
فعلى الرغم من أن ميثاق القاهرة قد رأى النور قبل المصادقة على ميثاق منظمة الامم المتحدة ،فان بنوده قد تضمنت –كما سبق الذكر- مايفيد رغبة الدول الموقعة عليه في الالتحاق بالامم المتحدة [10]،ولعل هنا يكمن النقص العربي وعدم القدرة على الاستقلالية القانونية والقدرة على حل النزاعات العربية داخل قبة الجامعة.
ومن جهة اخرى ،كان قد ترسخ الاقتناع لدى الدول العربية الاعضاء في مجلس الامن بعدم جدوى الاستمرار في خط التعامل الدبلوماسي الثنائي مع فرنسا،وحملها للرضوخ الى مطالب الحركة الوطنية المغربية ودفعها بالتالي الىالدخول في مفاوضاتمع مع المغرب،
وقد كان تصويت مجلس الجامعة على القرارين 342و387 بمثابة نهاية مرحلة الحوار الدبلوماسي الثنائي العربي الفرنسي.كما رفعت الجامعة مذكرة الى الجكومة الهندية والتي قدمتها هذه الاخيرة الى فرنسا التي لم تتكبد عناء الاجابة عليها.
كما قام نحاس باش الى جانب علال الفاسي بمحادثات مع الامين العام للجامعة للنظر في الاتفاق الموقع بين الحكومتين الفرنسية والامريكية القاضي بارساء قواعد عسكرية جوية فوق التراب المغربي.[11]
واستمرت المحاولات في وضع موضع المطالبة باستقلال المغرب فوق طاولة الجامعة العربية من طرف عدة زعماء كالوازاني والفاسي بالتعاون مع بعض الزعماء العرب لكن الحق ان استقلال المغرب جاء من صلب الثوار المغاربة الاحرار وان الجامعة لم تكن لتقدم الكثير فاغلب الدول كانت تحت الاستعمار وبعضها لازال الى الان،ففاقد الشيئ لا يعطيه.
كما ان الجامعة لم تقدم الكثير منذ قيامها في مسار المغرب النضالي في استرجاع اراضيه من الاستعمارين الفرنسي والاسباني.لكن يبق عدم اعترافها بالجمهورية الصحراوية موقف يقدر.
F المطلب الثاني : تأثير ملف الصحراء على الأمن القومي العربي.
من الطبيعي ان يكون لاية مشكلة داخلية ذات ابعاد سياسية عديدة اثاراً هامة على الامن الوطني للدولة والامن القومي للامة. ويظهر ذلك الاثر بشكل خاص لدول الجوار التي تعاني من صراعات ايديولوجية وخلافات حدودية ومصالح متضاربة تغذيها المؤثرات الخارجية بدوافع مختلفة.
وينطبق هذا الوصف على مشكلة الصحراء ،، بكل تأثيراتها السياسية والاقتصادية على الامن الوطني للمغرب في ظل صعوبة ايجاد الارضية المشتركة التي تكون مدخلاً للتقريب بين مواقف الاطراف المباشرة في النزاع.
ويمكن تحديد ماتثيره مشكلة الصحراء من مخاطر على الامن القومي للمغرب العربي بعدة محاور اولها محور التمسك الوطني الداخلي والذي يرتبط بموقع المملكة المغربية المحلي والاقليمي والدولي وطبيعة العلاقة السائدة بين الدول خصوصاً دول الجوار، وان المطالبة باستقلال الصحراء عن المغرب سيعمل على خرق الامن القومي المغاربي في احدى بواباته والدفع باتجاه التجزئة وتفتيت التراب الوطني وما لهذا التوجه من اثار سلبية على الامة العربية .
وتظهر اهمية المشكلة من خلال كونها بؤرة للصراع الاقليمي وعدم الاستقرار في منطقة المغرب العربي ومحاولات القوى الدولية الرامية الى تجزئة وتفتيت وحدة التراب الوطني لاقطار المغرب العربي عامة والمملكة المغربية بشكل خاص.[12]
ان قضية الصحراء ليست عملية استقلال صحراوي عن المغرب وانما هي عملية يقصد بها الابقاء على حالة الاختلاف والتجزئة وتكريس حالة الخوف على الكيانات القائمة فالمغرب تخاف على كيانها وشخصيتها كدولة ملكية. والجزائر تخشى من تنامي التيار الاسلامي وموريتانيا تتخوف من التيار القومي الذي يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.كلها دوافع ساهمت في عرقلة النهوض بالاتحاد المغاربي.[13]

لقد حصلت مجموعة من المتغيرات على الساحة الدولية تركت آثارها المباشرة ليس على مشكلة الصحراء فقط وانما على العديد من المشكلات ذات المساس بالامن القومي كالقضية الفلسطينية ومشاكل اخرى عالمية مثل مشكلة كشمير والبوسنة وكوسوفا وغيرها وابرز هذه المتغيرات هي:
1- انهيار الاتحاد السوفيتي السابق حيث ترك هذا الانهيار الذي حصل في 24/12/1991 وتربع الولايات المتحدة زعامة العالم اثاره على مواقف الاطراف المباشرة في النزاع وخاصة الجزائر وليبيا الحليفان الاستراتيجيان للاتحاد السوفيتي واللذان تربطهما معه اتفاقيات تعان سياسية واقتصادية، اذ دفع هذا الانهيار بالبلدين الى تبني سياسة اخرى اقرب الى الحياد والابتعاد عن دعم حركة البوليساريو وفي نفس الوقت فأن هذه الظروف قد عززت من مواقف المغرب الحليف التقليدي للولايات المتحدة. المطالبة بضم الصحراء الى اراضيها من خلال اللقاءات والمحافل الدولية.
هذا من جهة ومن جهة اخرى فأن الحظر الذي فرضه مجلس الامن على ليبيا لاتهامها باسقاط طائرة بان امريكان فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988 قد دفع ليبيا الى الابتعاد عن الشعارات الثورية وتبني مواقف معتدلة من مشكلة الصحراء وفك تحالفها مع الجزائر في دعم حركة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء.
2- فأن المتغيرات الداخلية التي حصلت في الجزائر والمتمثلة بتنامي التيار الاسلامي المتطرف وقيامه باعمال تستهدف الامن الوطني الجزائري وكذلك الازمة الاقتصادية الخانقة وتزايد معدلات البطالة ابعدت الجزائر في التركيز على مشكلة الصحراء ولم تعد تحظى بالاولوية في سلم اهتماماتها الداخلية والخارجية كما كانت في السابق ايام القطبية الثنائية. وفي محاولة منها لاضفاء بعداً اقليمياً لمشكلة الاضطراب الامني الداخلي الذي تعاني منه وجهت اصابع الاتهام الى جارتها وعدوتها التقليدية المغرب واتهمتها بدعم الحركات الاسلامية الاصولية.
3-احداث 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة : لقد كان للاعمال الارهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة اثارها الخطيرة ليس على الامن العربي وانما على الامن في العالم ايضاً، اذ اكتسب موضوع مكافحة الارهاب صفة شرعية دولية عندما تبنى مجلس الامن الدولي قراراً بهذا الخصوص. وطالبت الولايات المتحدة من دول العالم ان تتبنى موقفاً واضحاً من هذا الموضوع فأما ان تكون مع الارهاب او ضده وليس هناك موقفاً محايداً ولذلك سارعت الدول المغاربية وبالذات الجزائر والمغرب الى اتخاذ الاجراءات والمواقف التي ترضي الولايات المتحدة في حملتها لمكافحة الارهاب. وعكست هذه المواقف تناقض وتقاطع مصالحهما وتوجهاتهما فالجزائر ذات التاريخ الطويل في النضال ضد الاستعمار وذات الخط الاقتصادي الاشتراكي تبنت مجموعة من الاجراءات الاصلاحية مثل التحول نحو الخصخصة وتشجيع الاستثمار الاجنبي والقيام بحملة ضد الحركات الاصولية التي عانت من اعمالها الارهابية وسحبت يدها من دعم حركة البوليساريو كي لا تتهم بدعم الارهاب.[14]

الخاتمة
وفي يبقى ان نشير الى انه قد نشبت ازمة دبلوماسية في ابريل 2012م بين المغرب وجامعة الدول العربية بسبب ملف الصحراء.بسبب ماجاء على لسان نبيل العربي في لقائه مع جريدة جزائرية ان من حق 'الشعب الصحراوي' ان يقرر مصيره وان الجاعة مستعدة للتدخل في قضاي المغرب ان طلب منها ذلك،وعلى الرغممن ان الجامعة تؤكد عدم دقة تصريح الامين العام الا ان الازمة قد حدثت بالفعل في تلك الفترة.
ويتضح من مجموع ماسبق ان علاقة المغرب بالجامعة قد انطلقت من منذ صراع الاول مع الاستقلال،وان مستقبلها رهين بفك مشكل الصحراء ، وسبتة ومليلة ،بالاضافة الى وجوب التجانس العربي الامازيغي في الهرم العرقي المغربي..كمعطيات تأسيسية لاستقرار المغرب العربي ككل.
[1]http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9#.D8.AA.D8.A7.D8.B1.D9.8A.D8.AE
[2]http://www.mofa.gov.sa/aboutMinistry/SEMINARSANDCONFERENCES/ArabLeagueConcil/Pages/NewsItemID60950.aspx الموقع الرسمي لوزارة الخارجية السعودية أخر تحديث 13/01/2013
[3] د. خليل حسين،المنظمات القاريةوالاقليمية ،دار المنهل اليبناني.طبعة أولى 2010.
م.م. احمد فاضل جاسم ، المنظمات الإقليمية في بلدان العالم الثالث وأثرها في الإصلاحات السياسية والاقتصادية،الفصل 2 ،جامعة الدول العربية،مجلة تكريت للعلوم القانونية والسياسية ،العدد5/السنة2. [4]
[5] محمد بوبوش،( باحث في العلاقات الدولية-جامعة محمد الأول)، قضايا السياسة الخارجية المغربية من خلال البرنامج الحكومي،جريدة هسبريس الاكترونية .2012،
[6] محمد بن عيسى،وزير خارجية مغربي سابق ،كلمته ألقاها في قمة الجامعة العربية الثلاثاء 16مارس 2004م
[7] زياد حيدر،متابعة نتائج مؤتمر اصدقاء سوريا في مراكش/مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية .اللمملكة المتحدة –لندن.15/12/2012
[8]
محمد العربي المساري،صفحة من التاريخ الدبلوماسي للحركة الوطنية المغربية.الشرق الاوسط،31/03/2010[9]
[10] محمد عمرتي،المغرب وجامعة الدول العربية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، اشراف د عبد القادر القاديري.جامعة محمد .1987م.صفحة 43
محمد عمرتي /مرجع ستبق صفحة 46.[11]
[12] جاسم شعلان،مشكلة الصحراء الغربية وانعكاساتها على مستقبل الامن القومي العربي(بحث في الجغرافية السياسية)،كلية التربية الاساسية،جامعة بابل.العراق
[13] عبد السلام صالح عرفة، التنظيم الدولي (منشورات الجامعة المفتوحة، طرابلس، ليبيا 1997م).
[14] جاسم شعلان،مرجع سابق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق