السبت، 5 ديسمبر 2015

إنضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقيات و المواثيق الدولية

إن حصول فلسطين على دولة مراقب له العديد من التبعات القانونية على مستوى القانون الدولي ، منها تغيير المركز القانوني لدولة فلسطين مما يضع حدا للمزاعم الإسرائيلية ، بأن الأرض الفلسطيني هي أرض متنازع عليها ، وتأكيد جديد لكل قرارات الأمم المتحدة السابقة على أنها أرض فلسطينية محتلة منذ سنة 1967 بما فيها القدس ، و أنها أرض الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الإحتلال الإسرائيلي و الواجب تحريرها وتمكين شعبها من الإستقلال و الحرية و تقرير المصير.
الفقرة الأولى : المصادقة على إتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الملحقين.
   إن هذا الإعتراف لا يغير الوضع كون دولة فلسطين هي خاضعة تحت الإحتلال الجبري، كما لا يقلل من مسؤوليات دولة الإحتلال الإسرائيلي تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وعليه فإن السيادة بمقتضى قوانين الحرب لا تنقل أبداً من دولة ذات سيادة هزمت إلى محتل محارب و السيادة لا تنقل إلى سلطة الإحتلال ، فلإحتلال في جوهره مؤقت ، حيث أن المادة 42 من إتفاقية لاهاي 1907 الخاصة بإحترام و أعراف الحرب البرية ، تنص على أنه " تعتبر أرض الدولة المحتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش الإحتلال، و لا يشمل الإحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها ، ومن جهة أخرى فإن جوهر المسؤولية القضائية يتمثل في أنها تفرض إلتزاما على كل طرف في القانون إذا إرتكب عملا غير قانوني بأن يزيل ذلك العمل ، وأن يعيد الوضع إلى مكان سيكون عليه لو لم يتم القيام بذلك العمل غير القانوني ، وهذا يؤكد على إستمرار الأراضي الفلسطينية تحت الإحتلال الإسرائيلي و إستمرار سريان إتفاقات جنيف الأربع على دولة فلسطين وبخاصة إتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بشأن حماية الأشخاص المدينين في وقت الحرب المؤرخة في 1949 ، حيث تنص المادة 2 وهي مادة مشتركة بين الإتفاقيات الأربع على أنه " علاوة على الأحكام التي تسري في وقت السلم تنطبق هذه الإتفاقية في حالة الحرب المعلنة أو أي إشتباك مسلح ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة ، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب ، وتنطبق الإتفاقية أيضا في جميع حالات الإحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة حتى لو لم يواجه هذا الإحتلال أي مقاومة مسلحة .[1]
وإذا لم تكن أحدى دول النزاع طرفا في هذه الإتفاقية ، إلا أن دول النزاع الأطراف فيها تبقى مع ذلك ملتزمة بها في علاقاتها المتبادلة ، كما أنها تلتزم بالإتفاقية إيزاء الدولة المكورة إذا قبلت هذه الأخيرة أحكام الإتفاقية و طبقتها ، و تؤكد المادة 6 من الإتفاقية على سريان الإتفاقية مع إستمرار وجود الإحتلال حيث نصت على أنه " تطبق هذه الإتفاقية بمجرد بدأ أي نزاع أو إحتلال وردت الإشارة إليه في المادة الثانية المشتركة ، كذلك يوقف تطبيق هذه الإتفاقية في أراضي أي أطراف في النزاع عند إنتهاء العمليات الحربية بوجه عام ، كما يوقف تطبيق هذه الإتفاقية في الأراضي المحتلة بعد عام واحد من إنتهاء العمليات الحربية بوجه عام ، ومع ذلك تلتزم دولة الإحتلال بأحكام المواد التالية من هذه الإتفاقية من المادة 1 إلى المادة 12 و 27، ومن 29 إلى 34 ، و  47 و49 و 51 ، 52 ، 53 ، 61 إلى 77 والمادة 143 ، طوال مدة الإحتلال مادامت هذه الدولة تمارس وظائف الحكومة في الأراضي المحتلة .
كما أن الإنضمام الفلسطيني لإتفاقية جنيف يترتب عنه مسؤولية على الدول الأعضاء في الإتفاقية، وذلك بنص المادة 146 من إتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 ، على انه تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون بإقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الإتفاقية المبينة في المادة التالية :
" يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين بإقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر بإقترافها و بتقديمهم إلى محاكمة أي كانت جنسيته وله أيضا إذا فضل ذلك وطبقا لأحكام تشريعه أن يسلمهم إلى طرف متعاقد آخر معني لمحاكمتهم ، مادامت تتوفر لذي الطرف المذكور أدلة إتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص .
على كل طرف متعاقد إتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الإتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة[2] المبينة في المادة التالية :
" ينتفع المتهمون في جميع الأحول بضمانات للمحاكمة و الدفاع الحر ، لا تقل ملائمة على الضمانات المنصوص عنها بالمواد 105 وما بعدها من إتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب سنة 1949 .[3]
الفقرة الثانية: المصادقة على المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان .
أشار قرار الجمعية العامة رقم 314/58 المؤرخ بتاريخ 16 حزيران 2004 ، المعنون ( مشاركة الكرسي الرسولي في أعمال الأمم المتحدة إلى أن الكرسي الرسولي عضو مراقب في هذه الهيئة من عام 1964 ، وأنه عضو في العديد من الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ، ومنها إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية و إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات و الإتفاقية الخاصة بمركز اللاجئين و البروتوكول الملحق بها و إتفاقية حقوق الطفل و بروتوكوليها الإختياريين ، وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة ، و الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ، و إتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حالة نشوب صراع مسلح وإتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ، و معاهدة عدم إنتشار الأسلحة النووية و معاهدات نزع السلاح الرئيسية، و إتفاقيات جنيف الأربعة و برتوكوليها  الإضافيين، ومن خلال الممارسة العملية في الأمم المتحدة نجد أنه يحق للدول بصفة عضو مراقب الإنضمام إلى الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية من خلال الهيئات التعاقدية ، ومن خلال إستعراض تجربة الكرسي الرسولي وقرار الجمعية العامة بهذا الخصوص يمكن إلى فلسطين بصفتها دولة مراقب في الأمم المتحدة الإنضمام إلى الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، حيث يترك ذلك لطبيعة الإنضمام إلى الإتفاقية أو المعاهدة ومن شأن ذلك تعزيز حالة حقوق الإنسان في فلسطين وهذا يترتب عليه العديد من الإتزامات نجاه مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة وتقديم التقارير الدولية من فلسطين للهيئات المختلفة وإلى مجلس حقوق الإنسان و بالتالي سيكون لزاما على دولة فلسطين أن تقدم تقريرا حول التقدم المحرز في أعمال الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في فلسطين التي إنضمت إليها و صادقت عليها .[4]
وعليه لابد من إيجاد آلية فلسطينية في تحديد كيفية تقديم صكوك الإنضمام إلى الإتفافيات الدولية لحقوق الإنسان خاصة في ظل الإنقسام الفلسطيني و تعطيل أعمال المجلس التشريعي إضافة إلى خصوصية الحالة الفلسطينية كونها دولة مازالت ترزح تحت الإحتلال ن كما يمكن لفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة الإنضمام إلى إتفاقية قانون البحار لسنة 1982 ، للحفاظ على الحقوق المائية الفلسطينية وفرض سيادة الدولة الفلسطينية على مياهها الإقليمية و المنطقة الإقتصادية الخالصة التي تبلغ مسافتها 200 ميلا.
كما يحق لها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في حال حدوث أي إعتداء وعلى الرغم أن ما يسمى دولة إسرائيل هي ليست طرفا في هذه الإتفاقية إلا أنه يمكن لفلسطين أن تستخدم الوسائل الدبلوماسية المتاحة من خلال الدول الأطراف في الإتفاقية البالغ عددا 163 دولة .
ويمكن لفلسطين الإنضمام إلى إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لسنة 1969 ، و الإنضمام غلى إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 ، و الإتفاقيات الأخرى ...[5]
الفقرة الثالثة : الإنضمام إلى الإختصاص القضائي العالمي
يعرف مبدأ الإختصاص العالمي ، بأنه مبدأ قانوني يسمح لدولة أو يطالبها بإقامة دعوى قانونية جنائية فيما يختص بجرائم معينة بصرف النظر عن مكان الجريمة و جنسية مرتكبها أو الضحية ، وهذا المبدأ يخالف للإختصاص الجنائي الوطني التي تستلزم صلة إقليمية أو شخصية بالجريمة ، أو مرتكبها أو الضحية ، ويسمح الإختصاص العالمي بمحاكة أي شخص يكون قد إرتكب جريمة دولية في أي مكان في العالم لأن هناك جرائم خطيرة تلحق أضرارا بالمجتمع الدولي ككل ، و أنه لا ينبغي أن يتوفر ملاذ آمن لمن يرتكب مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية .
ويسمح المفهوم الضيق لهذا المبدأ بمقاضاة المتهم بجرائم دولية فقط إدا كان تقديمه للمحاكمة متاحاً ، وفي حين يتضمن المفهوم الأوسع إمكانية رفع الدعوى في غياب الشخص المتهم .
وللدول في نطاق قانونها الوطني أن تقبل بالإختصاص العالمي كإلتزام إختياري تعاقب بمقتضاه بعد الجرائم ، وخاصة تلك المنصوص عليها في إتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 ، والتي هي قواعد عرفية و جزء من النظام القانوني و جزء من النظام القانوني الوطني لأغلب الدول الأوروبية مثل : (فرنسا ، بلجيكا ، بريطانيا ، إسبانيا ..... و غيرهم ) .[6]
وهذا ما حصل في أوروبا بعد أن تمت ملاحقة الزعيم الإسرائيلي أرييل شارون في المحاكم البلجيكية بتهمة إرتكاب جرائم ضد الإنسانية في مجزرة صبرا و شتيلا سنة 1982 ، أثناء الحرب في لبنان ، وذلك قبل أن تتدارك الموقف وتقوم بتعديل القانون البلجيكي في أعقاب ضغوط مارستها الولايات المتحدة حتى يتلائمة في عدم الملاحقة ، وهذا أيضا ما حصل حديثا عندما إمتنع أحد جنرالات الإحتياط في الجيش الإسرائيلي من الهبوط من الطائرة في مطار لندن خشية إعتقاله من قبل السلطات المحلية بعد أن تم رفع دعوى قضائية عليه بوصفه مجرم حرب من قبل بعض المنضمات الأهلية و الفلسطينية في بريطانيا .
أيضا هناك العديد من أوامر الإعتقال قد صدرت عن عدد من الدول الأوروبية ضد وزراء إسرائيليين ، وقادة أمنيين رفيعي المستوى بعد إقتناع المحاكم بأن الحديث يجري عن مجرمي حرب إرتكبوا أعمالا إجرامية تتناقض مع القوانين الدولية .[7]
دفعت هذه الدعاوي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في سابقة هي الأولى من نوعها إلى حظر نشر أسماء و صور الضباط و قادة الكتائب الذين شاركوا في الحرب على غزة .
و بسبب هذا التخوف الإسرائيلي من المحاكمة في الدول الأوروبية ، أعلنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على إعلان توفير حماية قضائية لقادة و جنود جيشها الذين يواجهون دعاوي قضائية ضمن الإختصاص القضائي العالمي بتهم إرتكاب جرائم حرب في قطاع غزة ، وذلك خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية بتاريخ 25 ـ 1 ـ 2009 .
يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة إلى فلسطين ، بالنسبة إلى إنفاذ القانون الدولي الإنساني على نحو فعال، ولذلك فإن دولة فلسطين بعد حصولها على عضو مراقب توليه إهتماما خاصا، وخاصة بالمبادئ التي تنظم ممارسة الإختصاص القضائي على الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني، أي جرائم الحرب.
لقد ظلت إتفاقيات جنيف لعام 1949 لأكثر من 60 سنة تقتضي من الدول إنشاء الاختصاص القضائي العالمي وممارسته على الإنتهاكات الجسيمة المحددة في هذه الاتفاقيات، وبالفعل فإن إتفاقيات جنيف تنص على أن الأطراف المتعاقدة السامية ملزمة بتعقُّب المجرمين المشتبه بهم بغض النظر عن جنسياتهم ومكان ارتكاب الجريمة، وتقديمهم إلى محاكمها أو تسليمهم إلى طرف متعاقد سام آخر للمحاكمة.[8]
وقد أنشئت هذه القاعدة سنة 1949، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما سعت الدول معا إلى ضمان عدم وجود ملاذ آمن في أي مكان للأشخاص الذين يرتكبون مخالفات جسيمة لاتفاقيات جنيف. وقد صار هذا التوافق في الآراء أوسع نطاقا اليوم مع التصديق العالمي على إتفاقيات جنيف، وحمل هذا التصديق معه الإلتزام بإنشاء الإختصاص القضائي العالمي وممارسته على الإنتهاكات الجسيمة، وينطبق هذا على جميع الدول، وتمتد الإلتزامات نفسها بالنسبة إلى الدول الأطراف في البروتوكول الإضافي الأول لتشمل المخالفات الجسيمة المبينة في هذا البروتوكول.
ولم تبق هذه القوانين مجرد مسألة نظرية فقط ،حيث جرت محاكمة عدد من المشتبه بهم في المحاكم الوطنية في العديد من الدول بسبب الانتهاكات الخطيرة إستناداً إلى الاختصاص القضائي العالمي. والأمر الذي يفرض نفسه هو أن جميع الدول لا بد من أن تكون ملزمة بتنفيذ اتفاقيات جنيف بأمانة وإنشاء اختصاص قضائي عالمي بشأن الانتهاكات الجسيمة في نظامها القانوني الخاص بها..[9]
وعلاوة على ذلك ، أكدت ممارسة الدول المبدأ العرفي الذي يفيد بأنه يجوز للدول أن تنشئ أيضا إختصاصاً قضائيا عالميا لجرائم الحرب الأخرى، أي جرائم الحرب التي تضاف إلى الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول، ويشمل ذلك مثلا جرائم الحرب الأخرى المعترف بها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وتلك التي توجد في إطار القانون العرفي.
لا شك أن الإختصاص القضائي العالمي ليس هو السبيل الوحيد لمكافحة الإفلات من العقاب ، وبالفعل ينبغي - ومن المرجح - أن تبقى القواعد التقليدية أو الكلاسيكية للإختصاص القضائي الجنائي – الإختصاص القضائي الشخصي والإقليمي– هي الأدوات الرئيسية التي يجب على دولة فلسطين القيام بإستخدامها لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين بعد إنضمامها للمحكمة الجنائية الدولية، ولهذا الإختصاص القضائي العالمي، وعلى هذا الأساس ومن ناحية أخرى ، ينبغي على الدول أن تجري تحقيقاً في جرائم الحرب التي إرتكبت من قبل الإحتلال الإسرائيلي وأفراد قواتها المسلحة ،وإلقاء القبض على كل القادة المتورطين عند زيارة أراضيها، وعند الإقتضاء، محاكمة المشتبه بهم، وتحديدا الدول التي صادقت على إتفاقية روما سنة 1998 ، فالإختصاص القضائي العالمي لم يوجد إلا كملاذ أخير لضمان عدم هروب أحد من وجه العدالة في نهاية المطاف.
إن الحماية الفعالة لضحايا الحرب الفلسطينيين تتطلب التنفيذ الفعال للقانون الإنساني ، وإن التنفيذ الفعال للقانون الإنساني يتطلب اتخاذ تدابير وقائية أخرى في مجال الإنفاذ. ولا بد أن يحرز إنفاذ القانون الدولي الإنساني ومكافحة الإفلات من العقاب المزيد من التقدم من خلال اعتماد تشريعات وطنية مناسبة للسماح بمقاضاة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب الأخرى مع وضع إطار مناسب للاختصاص القضائي. [10]
وللمقال الذي نشره ريتشارد جولدستون في صحيفة " واشنطن بوست " أهمية كبيرة لإسرائيل ، ولمكانتها الإشكالية جدا في العالم ، لا يقول جولدستن ـ أخطأت ـ وإنما يتراجع عن التشخيصات الشديدة في تقريره الشهير ، و يعترف بأن مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للأمم المتحدة يتحيز ضد إسرائيل ، وهو يمتدح التحقيقات التي تمت في الجيش الإسرائيلي ، و الإستنتاجات التي تم التوصل إليها ، وينتقد على نحو قاطع حماس لأنها لم تفعل شيئاً للتحقيق في التهم التي وجهت إليها بشأن  إرتكاب جرائم حرب ظاهرة الأمر ، في أثناء عملية الرصاص المصبوب .          
كانت المشكلة الكبرى في التقرير هي إتهام الطرفين بتعمد المساس بسكان مدنيين ، و أوضح جولدستون في مقاله أنه فيما يتعلق بحماس لا شك أن الهدف كان المساس بمدنيين إسرائيليين أبرياء في حين نبعت أخطاء في الجانب الإسرائيلي في قراءة معلومات أتت من صور طائرة بلا طيار ، و كذلك يعبر عن ثقته بأن التحقيق الطويل مع القائد الذي أخطأ في فهم الصور سينتهي إلى محاكمته[12] و لو صورياً.
ولذلك لابد أن تغتنم دولة فلسطين هذه الفرصة بعد حصولها على عضوية مراقب، بدعوة جميع الدول لضمان تحديد إطار قانوني وطني سليم ، ومن شأن ذلك أن يسمح لها بالاضطلاع بدورها ، عند الإقتضاء ، في إنفاذ القانون الدولي الإنساني والمساهمة في حماية ضحايا الحرب في جميع أنحاء العالم. ومفهوم الاختصاص القضائي العالمي هو جزء لا يتجزأ من هذا الإطار القانوني. وهو مفهوم مكرَّس في القانون الإنساني. ولا زال يكتسي أهمية بالغة في سد ثغرة إفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب في ما يخص جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الفلسطينيين بعد سنة 2002 ، بما يشمل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف.وان تتابع دولة فلسطين باهتمام النقاش الدائر حول هذا الموضوع في اللجنة السادسة، وتبدي استعداد للمساهمة في المناقشات المقبلة وفي التقارير المقبلة للأمين العام بشأن هذه المسألة.




[1] ـ حسن صنع الله و مجدي طه، فلسطين دولة مراقب غير عضو في هيئة الأمم المتحدة، على الرابط    http://center-cs.net/full.php   تاريخ الولوج : 13ـ5ـ2013 على الساعة 00:12

[2] ـ المخالفات الجسيمة وفقا للمادة 147 من الإتفاقية الرابعة: وهي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا إقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالإتفاقية: القتل العمد، التعذيب و المعاملة اللإنسانيةبما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث الآم شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة ، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع،وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية،أو حرمانه من حقه أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة،وفقا للتعليمات الواردة في هذه الإتفاقية،وأخد الرهان، وتدمير وإغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير غير مشروعة و تعسفية.
[3] ـ ياسر غازي علاونه، الإستحقاقات القانونية المترتبة على حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة، مرجع سابق، ص:36و37.
[4] ـ  ياسر غازي علاونه ، الإستحقاقات القانونية المترتبة على حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة، مرجع سابق،ص:37.
[5] ـ محمد فضل ، فلسطين بوضع دولة مراقب ، تاريخ الولوج 5-5-2013 على الساعة 23:08. على الرابط:

[6] ـ عبد القادر جرادة، الولاية القضائية الفلسطينية وملاحقة مجرمي الحرب، دراسة قانونية مؤسسة الضمير، غزة، سنة 2013، ص:15.
[7]ـ عبد الرحمن محمد علي، جرائم الحرب الإسرائيلية جراء العدوان وفقا لمعاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية ، دراسات في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مركز الزيتونة للدراسات و الإستشارات ، بيروت ، الطبعة الأولى 2009.ص: 285.286.
[8] ـ عبد الرحمان محمد علي ، مرجع سابق، ص:288.
[9] ـ عبد القادر جرادة، الولاية القضائية الفلسطينية وملاحقة مجرمي الحرب، دراسة قانونية مؤسسة الضمير، مرجع سابق ، ص:23.
[10] ـ عبد الرحمان محمد علي ، مرجع سابق، ص:290.
[11] ـ التقرير الإستراتيجي الفلسطيني ، مرجع سابق ، ص:30.
[12]  ـ يوسى بيلين ، تقرير جولدستون ...مصداقية قاض ، يسرائيل هايوم 2011ـ4ـ4، مجلة مختارات إسرائيلية ، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية ، العدد 197 السنة 17 ، ماي 2011 ص : 71.