السبت، 21 مارس 2015

العلاقات السياسية بين المغرب و الولايات المتحدة الامريكية


مقدمة  

تجمع بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية مصالح مختلفة . وهي مرتبطة في جوهرها برهانات كل واحد منهما، فمنطقة شمال افريقيا تشكل لأمريكا مجالا استراتيجيا نظرا لأهمية مصالحها فيها. فخلال الحرب الباردة وفي سياق صراع الولايات المتحدة مع الإتحاد السوفياتي كانت لهذه المنطقةأي شمال إفريقيا عامة والمغرب على وجه الخصوص دور حاسم في تطويق المد الشيوعي لهذه المناطق وحماية دول أوروبا الشرقية وبعض البلدان في الشرق الأوسط من زحف التيارات الشيوعية إليها، حيث شكلتالمعطيات الجغرافية للمغرب وخصائص نظامه السياسي حجر الزاوية في الإستراتيجية الأمريكية ضدماكان يسمى بالمد السوفياتي، الأمر الذي فرض على الولايات المتحدة نهج سياسة برغماتية ثابتة اتجاه أهم  القضايا الإستراتيجية المغربية خصوصا قضية الصحراء المغربية.

وفي حقيقة الأمر إن هذه العلاقة لم تكن وليدة الحرب الباردة أوماقبلها ولكن هي علاقة بدأت مند اعتراف المغرب بالولاية المتحدة عام 1777 واعتراف هذا الأخير به سنة 1956، فتطورت هذه العلاقة بالشكل الذي هي عليه اليوم لم تكن لتأتي لولا الدور والتأثير الذي كان ولا يزال يقوم به المغرب في السياسةالدولية ومع التطورات التي طرأت على طبيعة النظام الدولي أخذت المصالح الاقتصادية تفرض نفسها وبقوة. وبالتالي أصبحت المصالح الاقتصادية تفرض نوعا من التقويم في العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة والمغرب.

وبخصوص المغرب فإن قضية الصحراء المغربية، والدفاع الأمني والرهانات الإستراتيجية للمغرب في علاقاته مع الولايات المتحدة، و الأزمات التي تعرفها المنطقة العربية ومنطقة الساحل والصحراء، كل ذلك فرض على المغرب الإنخراط وبقوة في تنفيذ أهداف السياسية الخارجية الأمريكية بأبعادها الأمنية والإستراتيجية والسياسية والدبلوماسية، لما لهذه القضايا من ارتباط بالسياسة الداخليةوالخارجية للمغرب، حيت لعب المغرب ولا يزال دورا أساسيا في قضايا الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص الصراع العربي-الاسرائيليوالفلسطيني-الإسرائيلي وتطورات الأحداث في سوريا، كما لعب دورا مهما وحاسما في الحفاظ على السلم والأمن بمنطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا كما لعب دورا مهما فيالحوار الإستراتيجي المتوسطي وإخراج مشروع قرار من مجلس الأمن بخصوص الوضع في "مالي"، حيث أنه كان السباق إلى الدعوة إلى انعقاد مجلس  وزراي داخل مجلس الأمن الذي تمخض عنه تبني بيان هذا المجلس، الذي تقدم به المغرب .

إن أهمية دراسة موضوع العلاقات السياسية بين المغرب والولايات المتحدة تنبع من المكانة التي يشكلها طرفي العلاقة سواء في بنية النظام الإقليميأوعلىالمستوى الدولي وهو الأمر الذي يمتد إلىإعطاء تلك العلاقة بعدا إستراتيجيا في سياسة البلدينو من ثم وجب علينا البحث عن طبيعة هذه العلاقة وأطرافها، ومحدداتها وأهدافها.

الإشكالية :

ولمقاربة هذا الموضوع اعتمدنا في صياغته على إشكالية مركزية تتمثل:

إلى أي حد ساهمت العلاقات السياسية الوطيدة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في خدمة القضايا الوطنية للمغرب و حل بعض النزاعات الإقليمية و الدولية؟

أمافيما يتعلق بالمنهجية المتبعة.

فإن دراسة العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية تفرض علينا تناول هذه العلاقة في شموليتها أي عدم التركيز أوالتخصص في جانب واحد بعينه، لأن الخوض في الجزيئات يؤدي إلى عدم فهم السياق الشمولي الذي تنبني وتتحرك فيه هذه العلاقة، وذلك في محاولة لجمع وتركيب بعض الخيوط الناسجة لتلك العلاقة من خلال الكشف عن محدداتها وأهدافها والرهانات إلى تجمع كل من طرفي العلاقة.

المبحث الأول: السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المغرب
فيما يخص السياسة الأمريكية اتجاه المغرب فقد خضعت لعدة اعتبارات و أهمها الإعتبارات الأمنية، فقد حضي المغرب و لايزال بمكانة خاصة في الإستراتيجية الأمريكية بشمال افر يقيا بفعل موقعه الإستراتيجي، و تبعا لذالك سار للمغرب أهمية خاصة قي العلاقات السياسية بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية و التي بدأت منذ استقلال الولايات المتحدة إلى اليوم، و سنعمل في هذا الإطار الى التطرق الى محددات العلاقة السياسية المغربية الأمريكية (مطلب أول)
الثوابتالسياسة في العلاقات المغربية الأمريكية (مطلب ثاني).
المطلب الأول: محددات العلاقة السياسية المغربية الأمريكية
شهدت العلاقات السياسية المغربية الأمريكية عدة تطورات و التي تبلورت منذ استقلال الولايات المتحدة، كما تبلورت في أبعادها الجديدة مع استقلال المغرب و تبلور النظام العالمي الجديد الذي أحدث تغيرا في المصالح و الأهداف، فيما يتعلق بسياسة البلدين، فهذه العلاقة تحكمها مجموعة من المحددات منها ما هي ذات طابع استراتيجي التي سنعمل على إثارتها في (الفقرة الأولى) و منها ما هي ذات طابع سياسي أمني و التي سنعالجها في (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: المحددات الإستراتيجية
تأتي مكانة المغرب في الإستراتيجية الأمريكية في سياق تحكمه عدة محددات و لعل رغبة أمريكا في استغلال الموقع الإستراتيجي للمغرب بصفته دولة تنتمي إلى عدة وحدات إقليمية و دولية مهمة، فالمغرب في إطاره الإقليمي يكتسي أهمية كبرى بسبب مكانته الحيوية في البحر الأبيض المتوسط وشمال افر يقيا، ولذلك فان الحديث عن العلاقات المغربية الأمريكية يطرح عدة تساؤلات فيما يخص الأهميةالإستراتيجية للمغرب في السياسة الأمريكية، وإلىأي حد يمكن اعتبار موقع المغرب كمحدد في العلاقة المغربية الأمريكية.
وفي هذا الاتجاه يعتبر المغرب كحلقة وصل لمنطقة إستراتيجية تمتد من السواحل الأطلسيةحتى جبال إيران نظرا لما تشكله من أهمية قصوى بالنسبة للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط  ومنطقة الخليج لتسهيل أي تدخل سريع بالمنطقة لذلك فهو يدخل  في إطارالمفهوم الأمريكي الشامل للإستراتيجية. إذ أن الاهتمام الأمريكي بالمغرب هو اهتمام استراتيجي عسكري، حيث شكل المغربنقطة انطلاق لتطويق الإتحاد السوفياتي ومحاصرة قواعد دول المحور، إضافةإلى انه يشكل حزاماأمنيا لأمريكا يستوجب السيطرة عليه.
وفي هذا السياق قد أبرم المغرب عدة اتفاقيات مع الولاية المتحدة بشأن تسهيل مرور القوات الأمريكية عبر القواعد الجوية المغربية، ومن بينها اتفاقية 1982 والاتفاق السري الفرنسي الأمريكي في 22 دجنبر1950 الذي يخول لأمريكا إقامة قواعد عسكرية بالمغرب.
إذا يتضح من خلال ما سبق إن المغرب يأخذ فيالإستراتيجية العسكرية الأمريكية مكانة متقدمة وهو الخط الأمامي في الدفاع عن أمريكا، وهذا ما أكده وزير الخارجية السابق "هنريكسنجر"الذيأكد على إن المغرب  يشكل نقطة وخطا أماميا في الإستراتيجية الأمريكية اتجاه افريقيا والشرق الأوسط[1].
فإذا كان المغرب يشكل أهمية إستراتيجية في السياسة الأمريكية فانه لا يعتبرحليفا استراتيجياكإسرائيل وتركياوإنما فقط شريك يتمتعبجانب كبير من الثقة  في السياسة الأمريكية.
وذلك ما جعل المغرب يستغل هذه المكانة التي يحضى بها لدى الولايات المتحدة  لتمتين روابطه السياسية  خدمة لمصالحة الوطنية.[2]
الفقرة الثانية : المحددات السياسية.
إن العلاقات المغربية الأمريكية لا تحكمها المحددات الإستراتيجية فقط وإنماتفسر بالأهميةالسياسية على اعتبار أن التوجه السياسي للمغرب اتجاه القضايا الجهوية والدولية غالباماتقاطعت مع خيارات السياسة الخارجية الأمريكية [3].
فالأسس التي تنبني عليها السياسة الخارجية للمغرب التي تتسم بالمرونة والاعتدال والوسيطة والتريث في اتخاذ الموافق والقرارات وانفتاحها على المنظمات الإقليمية والدولية جعلت من المغرب محط اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نظرت إليه دائما على أنه الشريك ذا التوجه المعتدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذا غالبا ما كان يستشارفي المبادرات والمقاربات التي يقدمها الجانب العربي من جهة والإسرائيلي والأمريكي من جهة.
وبالتالي شكلت هذه العناصر سمات إيجابية للسياسة المغربية المعتدلة التي جعلت الولايات المتحدة تقترب منه ليس من زاوية المصالح الإستراتيجية فحسب ولكن بقيمته السياسية ودوره في الحفاظ على الأمن والاستقرار بالمنطقة، وحسب الدبلوماسي الأمريكي ROBER BARRET الدي قال ان علاقاتنا التقليدية القديمة مع المغرب وسياسته العربية هي التي ننهجها منذ الاستقلال تسمح لنا بالتنسيق والإشرافمعه في المجال العسكري والسياسي في المنطقة[4]، وهذا ماسيدفع بالعلاقات بين البلدين نحو مزيد من التوطيد خصوصا في ظل التغيرات الدولية الجديدة والحراك العربي وماترتب عنه من نتائج تطرح عدة رهانات بخصوص السياسية الأمريكية بالمنطقة.
المطلب الثاني: الثوابت السياسية في العلاقات المغربية الأمريكية
تأتي ثوابت العلاقات المغربية الأمريكية من خلال خصائص الأطراف المكونة لهذه العلاقة، فالقوة الأمريكية في مجالاتها المتعددة أمام الضعف المغربي المتمثل في الإكراهات على المستوى الداخلي والخارجي كل ذلك يؤدي بالولايات المتحدة الأمريكية إلى نهج أسلوب يعكس منطق هذا التفاوت.
وهو مايتمثل من جهة في التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للمغرب إما بالتأثيرأوالتأثر، ومن جهة ثانية تبعية القضايا المغربية وارتباطها بالمصالح الأمريكية.
الفقرة الأولى : التأثير الأمريكي عل السياسة المغربية
إذا كان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول متعارف عليه دوليا فإن هذا الأمر أصبح متجاوزا بعد أحدات 11 شتنبر 2001 وهي الأحداث التي اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة للتدخل من قضايا العديد من الدول،وفيما يتعلق بالمغرب فإن هذا التأثير يرتبط مجموعة عوامل منها ماهي ذاتية ومنها ماهي موضوعية، فمن جهة فان العلاقةبينالمغربوالولاياتالمتحدةالأمريكيةمثاللعلاقاتدولالشمالبالجنوبوعلاقةتجمعبينأولقوةاقتصاديةوعسكريةودولة لا زالت تعاني من مشاكل سياسية و اقتصادية و اجتماعية، أما فيما يخص العوامل الذاتيةفهيتعودلبنيةاتخاذالقراراتالسياسيةالخارجية المغربية والتي تخضع لطبيعة النظام السياسي والذي يتميز بمركزيةاتخاذ القرار على مستوى السياسية الخارجية وامتلاكه  لمفاتيح إدراك أحسن لمرغمات المحيط الخارجي [5].
هذهالأسباب وتلك جعلت من التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية والخارجية أمر سهلا وقد تعددت مظاهر هذا التدخل، وفيما يلي نماذج عرفتهاالعلاقات بين البلدين خاصة في فترة السفيرة الأمريكية بالرباط  ماركريتتوتويلر.
-       التدخل لدى وزارة الداخلية لمنع المسيرات والمظاهرات التضامنية مع فلسطين والعراق، حيث انتقلت السفيرة الأمريكيةإلى مقر ولاية الرباط العاصمة للضغط من اجل منع مسيرة تضامنية  مع الشعب الفلسطيني يوم 20فبراير2002 التي كان الوزير الأولآنذاك قد أعطى موافقته على تنظيمها، قبل أن يتم منعها بقرار من ولاية الرباط، بعد زيارة السفيرة الأمريكية.
-       التدخل  لدى وزارة الداخلية للضغط على مؤسسات المجتمع المدني لمنعها من جميع التبرعات و إرسالها إلى فلسطين و العراق.
-       التدخل لدا وزارة الأوقاف لمنع الخطباء من توجيه النقد لأمريكا  لأن ذلك حسب السفيرة الأمريكية يعتبر معادات للسامية .
-       إلزام المغرب بالخروج عن سياسة الحياد السلمي فيما يتعلق بمجموعة من القضايا التي لا تخدم سوى المصالح الأمريكيةومن بينها إلزام المغرب بالتصويت في إحدى الهيأتالأمنية لحقوق الإنسانإلى جانب قرار أمريكي يدين جمهورية كوبا باعتبارها بلد ينتهك حقوق الإنسان.
-       ممارسة الضغوط على المغرب الانخراط في المشروع الأمريكي لمحاربة الإرهاب[6].
كانت هذه مجرد نماذج توضح لنا بجلاء تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الشؤون المغربية الداخلية والخارجية والتي إن كانت تدل فإنما تدل إلى تبعية المصالح المغربية للسياسة الأمريكية ومدى الترابط الموجود بين السياسة المغربية و الأمريكية حول مجموعة من القضايا.
الفقرة الثانية : ارتباط القضايا المغربية بالمصالح الأمريكية
إن ما يجعل أمريكا سهما نافدا في السياسة المغربية الداخلية والخارجية هو الإدراك الجيد لصناع القرار فيها بعمق الأزمات التي يعرفها هذا البلد وكذا الطرق الكفيلة بإصلاحها، لذلك فهي تركز دائما على دعم الآليات التي بواسطتها يمكن أن تستمر في التحكم في سياسة المغرب[7].
فلا ينكر احد أن ارتباط هذه القضايا بسياسة البلدين تتخللها مجموعة من التحديات والتي ترتبط في جوهرها بسياسة المغرب الداخلية والخارجية وفي مجالاتها السياسية و الاقتصاديةوالاجتماعية،إلا انه رغم هذا التباين في حدة هذه التحديات فإنها لازالت تشكل وحدة منسجمة في التأثير على العلاقات بين البلدين فعلى المستوى السياسي يعرف المغرب عدة إكراهات تحد من هامش تحركه وخصوصا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية ونفقات الجيش وتكاليف تجهيزاته.
وعلاوة على ذلكفإن هذه العلاقات تحكمها عدة عوامل ولعل أهمهاالأزمات السياسية الدولية التي ترتبط في جوهرها بالعالم العربي والإسلامي والتي يكون  للولايات المتحدة فيها دخل يخلق ردود فعل شعبية مغربية إزاء السياسة الأمريكية وإزاء مصالحها التي تنعكس سلبا على العلاقات بين البلدين.
المبحث الثاني: القضايا المشتركة في العلاقات المغربية الأمريكية
يتجلى التعاون بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية عبر مجموعة من القضايا المشتركة التي تحظى بالأولوية في السياسة الخارجية للبلدين حيث يحظى المغرب بأهمية كبيرة كشريك يتماشى و التصورات الأمريكية في المجال الأمني و الإستراتيجي المطلب الأول، و من جهة يطمح المغرب من خلال دعمه للسياسة الخارجية الأمريكية لضمان دعم الولايات المتحدة للقضايا الوطنية و الإقليمية ذات الأولوية في السياسة الخارجية المغربية، المطلب الثاني.
المطلب الأول: التعاون الثنائي على المستوى الأمني و الإستراتيجي
يعتبر المغرب حليفا أمنيا للولايات المتحدة الأمريكية خصوصا بعد أحداث 11 شتنبر 2001 حيث انخرط المغرب في دعم الحرب على الإرهاب التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ، و له نفس التصورات بخصوص الأمن المتوسطي حيث يعتبر المغرب شريك متقدم خارج حلف الناتو.
الفقرة الأولى: التعاون الأمني
سارع المغرب على غرار باقي دول العالم، إلى التنديد بأحداث 11 شتنبر و أعلن تعاطفه مع الولايات المتحدة الأمريكية في مصابها، و قد تبين أن التعاون الأمني و التنسيق بين الطرفين يحظى بأولوية على باقي أشكال التعاون الأخرى (حيث أعلنت السلطات المغربية عن اكتشاف ما يسمى بالخلية النائمة لتنظيم القاعدة بالمغرب و عن إجهاض مخططاتها لضرب السفن العابرة لمضيق جبل طارق)، و الذي يعد أحد المؤشرات الهامة على جدية التنسيق الأمني المغربي الأمريكي و كذا حرص المغرب على الإطلاع بدور المتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، في مجال محاربة الإرهاب. و بمبادرة من المغرب عقد المنتدى الأورمتوسطي في دورته الأولى بالمغرب مابين 25 و 26 أكتوبر 2001 و كان محور الدورة: "تفجيرات 11 شتنبر". و استمر الدعم المغربي لمحاربة الإرهاب بانخراط المغرب في 24 اتفاقية و معاهدة دولية لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالإرهاب ابتداء من دجنبر 2001.
و مباشرة بعد أحداث 16 ماي 2003 بالدار البيضاء عجلت السلطات المغربية بالمصادقة على قانون الإرهاب[8]و لم يقتصر الأمر على التعاون الأمني فيما يخص الإرهاب فقط بل امتد التعاون كذالك إلى التصور المشترك بخصوص السياسات الأمنية المتوسطية هذا وتدخل السياسة الأمنية المتوسطية الجديدة في إطار برنامج الشراكة من أجل السلام وذلك من أجل المساهمة في الأمن و الاستقرار في الحوض المتوسط وانجاز فهم متبادل لسياسات مختلف الأطراف.
حيث عزز المغرب علاقته بالحلف الأطلسي عن طريق المساهمة في قوات حفظ السلام الدولية: في "البوسنة و الهرسك" عام 1996 و "كوسوفو" عام 1999 كما سيقوم الحلف قي إطار الحوار الأطلسي المتوسطي بتأطير أنشطة تدريبية شملت حضور برامج محددة في مدرسةالناتو، وفي كلية الدفاع التابعة للناتو بروما. وبعد 11 من شتنبر دعى المنتدى المتوسطي إلى توظيف كل البنى الأمنية و العسكرية المتوفرة وعلى هذا الأساس سيقبل المغرب لاحقا بانخراطه في عمليات "المسعى النشيط" التي أطلقها حلف الناتو، لتعزيز قدراته لمحاربة الإرهاب و الجريمة المنظمة و أسلحة الدمار الشامل.
وبعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن مبادرة (إسطنبول للتعاون) سيصبح المغرب شريكا للحلف بعد أن كان محاورا له، و التي تجلت أساسا في الاتفاق الذي وقع بين المغرب و الحلف في يونيو 2008، حول المشاركة المغربية في العمليات الأمنية البحرية على طول حوض البحر الأبيض المتوسط.
الفقرة الثانية: دعم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
يمكن رصد دور المغرب في المجال السياسي في دعمه للمصالح الأمريكية من خلال ارتباط المغرب بقضايا المغرب العربي وخاصة أزمة الشرق الأوسط. إذ عملت الولايات المتحدة الأمريكية على التقرب من المغرب سعيا وراء لعب دور الوسيط بين أطراف النزاع. ولعب المغرب في الصراع العربي – الإسرائيلي دورا مهما خلال فترة حكم الراحل الحسن الثاني.
في هذا الإطار يمكن الحديث عن سبق مغربي من الجانب العربي في الإتصال مع رموز الكيان الإسرائيلي سرا و علنيا. من خلال مجموعة من المحطات التاريخية:
-       قمة فاس1982  :
وفي هذا الإطار انعقد لقاء فاس سنة 1982 ومن جملة القرارات التي أسفر عنها أن مؤتمر الدول العربية يوكل لكل من المغرب و الجزائر و تونس و ليبيا و الأردن و منظمة التحرير الفلسطينية و المملكة العربية السعودية التحرك لإقناع الدول العظمى بصلاحية مخطط فاس. و الإمكانية التي يفتحها أمام التحليلات السياسية التي ترمي إلى إيجاد نهاية للمأساة العربية الإسرائيلية، و مباشرة بعد اختتام أعمال القمة زارت بعثة عربية مشتركة واشنطن لإطلاع المسؤولين الأمريكيين على المبادرة العربية ، و بعد مؤتمر فاس استقبل المغرب رئيس الوزراء الإسرائيلي "شمعون بيريز" 22 23 يوليوز 1986.
-       احتضان المغرب للمؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا1994 :
بمبادرة منالمغفورله الحسن الثاني، وبدعم منالرئيس الأمريكي "بنكلنتون" و الرئيس الروسي "بورس يلتسن" انعقد مؤتمر في الدار البيضاء سنة 1994 هذه الخطوة لقيت ارتياحا لدى الإدارة الأمريكية و التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل تروم من خلالها تذويب الخلافات السياسية من خلال خلق سوق أوسطية ينخرط فيها العرب و إسرائيل.
أما فيما يخص العلاقات السرية و التي كانت تحت إشراف التدبير السياسي المغربي، فحسب عباس أبو مازن مهندس المفاوضات و معاهدات أوسلو السرية فإن المغرب ظل على علم و بينة بمسار مفاوضات أوسلو السرية وهذا ما تؤكده زيارة ياسر عرفات للمغرب قبيل يوم 12/9/1993 و مباشرة بعد توقيع اتفاقية واشنطن للسلام بتاريخ 13/9/1993.
هذا عن جانب المحادثات السرية بين الفلسطينيين و الإسرائيليين
أما بخصوص العلاقات المصرية الإسرائيلية فبعد حرب أكتوبر 1973 استقبل الراحل الحسن الثاني وزير الدفاع الإسرائيلي "موشي ديان" الزيارة التي أتاحت له لقاء المسؤولين المصريين بالمغرب و قد أعقب هذا اللقاء زيارة إسحاق رابين للمغرب عام 1976 حيث راج الحديث عن اعتبار هذا اللقاء هو الذي مهد لزيارة الرئيس المصري أنور السادات للقدس سنة 1977.
المطلب الثاني: القضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية المغربية
تحظى مجموعة من القضايا ذات الأبعاد الإستراتيجية بالأولوية في السياسة الخارجية المغربية، إذ تعتبر قضية الصحراء المغربية محور السياسة الخارجية المغربية  ، و يطمح إلىتدعيم قضيته من الجانب الأمريكي ،هذا وبعد عضوية المغرب بمجلس الأمن أصبحت لديه اهتمامات ببعض القضايا العربية والإفريقية كأزمة سوريا و أزمة مالي.  
الفقرة الأولى: قضية الصحراء المغربية        
بدأت المؤشرات الأولى للضغط على المغرب خلال سنة 2001،وذلك عند ماطرحت مسألة جدوى استمرار بعثة المينورسو أمام تعثر مسلسل الاستفتاء، وهذا الضغط يستشف من خلال شهادة (ألان كاسويتر)،مساعد وزير الخارجية خلال جلسة الكونقرس المنعقدة في 2000/09/13
حيث أكد ان امريكا ستواصل التصويت على مهمة البعثة ، الا انها ستكون قصيرة،تتراوح بين شهر و ثلاثة اشهر.
وقد استمر هذا الضغط بعد ان هددت الولايات المتحدة الأمريكية بسحب البعثة من الصحراء ،وهو التهديد الذي صدر عن السفير الامريكي(جون بولتون) وقد بلغ هذا الضغط ذروته،عندما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية فرض خطة بيكر على المغرب  والتي تضمنت اربع خيارات،شكلت بعضها تهديدا حقيقيا لمصالح المغرب ومنها خيار التقسيم وخيار الاستفتاء بعد خمس سنوات من الحكم الذاتي.
لكن هذا الضغط سيتم تجاوزه بعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2003، حيث سيؤكد الرئيس الأمريكي أنالولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن لها أن تفرض أي شيء على المغرب وأنها تتفهم حساسية الموضوع بالنسبة للمغرب.
وبعد تقديم  المغرب لمقترح الحكم الذاتي في 11أبريل2007 سيصف سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة  السيد (زلماي خليل زادة)، جهود المغرب ذات المصداقية ، كما اعتبرت القائمة بأعمال البعثة الأمريكية السيدة (جاكي والكوتساندرسي) أن المبادرة المغربية هي إطار جيد وواقعي للمفاوضات، وهو نفس ما أكدته السيدة (هيلاري كلينتون) بأنه الحل الجاد وذو مصداقية .هذا وقد عرفت قضية الصحراء المغربية منعطفا جديدا، بمجيء كريستوفر روس.
الفقرة الثانية : عضوية المغرب بمجلس الأمن
مع بداية سنة2012،انتخب المغرب كعضو غير دائم بمجلس الأمن لمدة سنتين،وما تعنيه هذه العضوية من اكتساب المغرب لعمق جديد في سياسته الخارجية، تتيح له توظيف موقعه وتجديد منظومة دبلوماسيته وتأهيلها للاستجابة لاستحقاقات وتحديات هذا الموقع وخصوصا أن عضويته في مجلس الأمن تأتي في سياق مجموعة من المتغيرات التي تعرفها القضايا الإفريقية والعربية والتي تتطلب من الأعضاء في مجلس الأمن التعامل معها بأكبر قدر من الاهتمام والأولوية.وخلال ترأس المغرب لمجلس الأمن،باعتباره العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن وممثل المجموعة العربية داخل المجلس،يجد المغرب نفسه أمام تدبير القضايا العربية والإفريقية الشائكة، وفي مقدمتها الوضع في مالي،وتطورات الأحداث في سوريا.
وفي سياق تفاعل المغرب مع الأزمة في مالي، دعا المغرب إلى عقد اجتماع وزاري للمصادقة على البيان الرئاسي الذي تقدم به المغرب بخصوص منطقة الساحل والصحراء،وقد تضمن البيان المغربي أبعادا سياسية وأمنية وإنسانية تتعلق بمنطقة الساحل والصحراء،الذي ثم اعتماده بمجلس الأمن عن طريق القرار2071.
ليخطو بعد ذلك مجلس الأمن خطوة تاريخية بالتصويت و بالإجماع على القرار 2075، و هو القرار الذي يأذن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، نشر قوة دولية تحت القيادة الإفريقية بمساعدة القوات العسكرية و قوات الشرطة في مالي على استعادة سيادة الدولة و سلامتها الإقليمية في مناطق (غاو، تومبوكتو و كيدال) التي يسيطر عليها المتمردون و الإرهابيون من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
أما بخصوص دور الدبلوماسية المغربية في المساهمة في حل النزاع السوري، فقد بادر المغرب منذ بداية الأزمة إلى دعوة كل أطراف النزاع إلى التوافق بشأن حل سلمي و سياسي للأزمة، و بمبادرة من المغرب في إطار المجموعة العربية تم تقديم المشروع العربي لمجلس الأمن بخصوص الوضع في سوريا، لكن هذا المشروع تم إجهاضه من طرف الفيتو الصيني– الروسي، و قد استمر الدعم المغربي للمعارضة السورية بعد مؤتمر أصدقاء سوريا بمراكش، و كان قد تمخض عنه اعتراف مجموعة من الدول بالائتلاف الوطني السوري، و تقديم الدعم الإنساني و السياسي له.

خاتمة

لعل ما يستشف من العلاقات السياسية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية،هو عمقها التاريخي،والمتجدد،والذي يتماشى وواقع المصلحة المشتركة بين البلدين إذ يعتبر المغرب في حساب السياسة الخارجية الأمريكية حليف إستراتيجي بمنطقة شمال إفريقيا في ظل منافسة أمريكية أوربية على المنطقة.
وما يميز العلاقة السياسية المغربية –الأمريكية عموما هو التعاون في بعض المجالات التي تحضى بالأولوية في السياسة الخارجية للبلدين، إذ يطمح المغرب من وراء هدا الارتباط السياسي الإستراتيجي ضمان الدعم الأمريكي بخصوص مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية.
و من جانبنا نرى أن على الدبلوماسية المغربية من أجل ضمان مصالحها السياسية أن:
-       تستثمر المتغيرات السياسية الجديدة بمنطقة شمال إفريقيا.
-       العمل على ضمان نوع من التوازن بين مصالحها السياسية و مصالح الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة.
-       عدم الرهان على الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.
-       فتح قنوات جديدة في العمل الدبلوماسي المغربي من شأنها تقريب الرؤى و شرح القضايا داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
-       عدم ربط قضية الصحراء المغربية بباقي المصالح السياسية الأخرى و كذا الإقتصادية في علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية.






[1]- روم لاندو "تاريخ المغرب في القرن العشرين ترجمة نيقولا زيادة دار الثقافة بيروث لبنان ط اا 1980 ص 240
[2]- بداية محجوبة، العلاقات الأمريكية المغربية المجلة المغربية للدراسات الدولية العدد 5 – 6 سنة 2001 ص 18.
[3]- المرجع ص 18
[4]- أحمد بلحاج السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه المغرب من 1987 – 1996، بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية الإدارة الرباط 1995 ص 23.
[5]- الحسن بوقنطار السياسة الخارجية المغربية الفاعلون و التفاعلات بابل للطباعة و النشر الرباط 2002 ص 8.
[6]- عبد الإله المنصوري السجل الكامل لتدخل السفيرة الأمريكية في الشؤون الداخلية للمغرب مجلة القدس العربي العدد 04-45 12 نونبر 2003.
[7]- المهدي المنجرة المشهد السياسي المغربي بين تحكمات الفقر و جهود المؤسسات منبر الشباب العدد 79 نونبر 2003.
[8]- أحمد حموشة المغرب في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحادي عشر من شتنبر 2001 رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام 2007 – 2008 ص 34 35.

هناك تعليق واحد:

  1. How to Make Money from Betting on Sports Betting - Work
    (don't worry if you งานออนไลน์ get aprcasino it wrong, though) The process involves placing bets on different events, but it can also apr casino be sporting100 done by using https://sol.edu.kg/ the

    ردحذف