السبت، 21 مارس 2015

حوار 5+5 التحديات و الرهانات


من انجاز الطالبة: فاطمة الزهراء لبدو
مقدمة
حوض البحر الأبيض المتوسط الذي تطبق عليه الاستراتيجيات الأمنية و العسكرية سواء من طرف الدول الجنوبية أو الدول الشمالية يحظى بأهمية قصوى من حيث "الجيوبوليتيك" إذ تلتقي على ضفافه ثلاث قارات : إفريقيا و أوروبا وأسيا ،ويقع بين محيطين كبيرين ، المحيط الأطلنطي و المحيط الهندي بالإضافة إلى تقاطع أهم الخطوط الملاحية البحرية الدولية على مياهه، كما يتصل بالبحر الأحمر على قناة السويس و البحر الأسود عبر قناة البوسفور.
بالإضافة إلى أن لعبة المصالح و التحالفات أعادة رسم خريطة للمنطقة  في وقت كانت فيه مترابطة فيه روحيا و ثقافيا حيث تمت صياغتها بشكل فسيفسائي موقوت في سبيل تحقيق إيديولوجية القوي ،مما أدى إلى تعميق جرحها وآلامها.
وبذلك جاءت فكرة 5+5 انطلاقا من مبادرة سياسية على هيئة مقترح تقدمت به فرنسا عام 1983 خلال عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران ،و استمرت الفكرة في التبلور و حتى تقرر عقد اجتماع بين أربعة دول أوروبية (اسبانيا ، فرنسا ،إيطاليا والبرتغال) و دول المغرب العربي الخمس (المغرب ،تونس ،الجزائر،ليبيا وموريتانيا ) في روما خلال الدورة الوزارية الأولى المنعقدة في أكتوبر 1999 ،مهد له اجتماع انعقد يوم 29 مارس 1999 بروما بين نفس الدول حيث ستطلب دول المغرب العربي  بعدها الاستمرار في مشروع 5+5 وتقدموا في ذلك بطلب لرئيس الاتحاد (المغرب العربي) في الدورة التاسعة العادية لمجلس وزراء خارجية الدول المغاربية المنعقدة بالرباط يوليوز 1991 وفي أكتوبر من نفس السنة سيتم عقد الدورة الثانية من الحوار في الجزائر الذي بموجبه تم إحداث فرق عمل وزارية للبحث في عدة قضايا .
لكن ثالث اجتماع على مستوى القمة و المفروض انعقاده بتونس 1992 تعطل بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت على ليبيا في نفس السنة .
وبعد عشرية كاملة بالتوقف من (1991 إلى 2001 )عاد اجتماع وزراء خارجية الدول العشر بتلريخ 25 يناير 2001 لتتحرك آليات الحوار في اتجاه عقد أول اجتماع على مستوى الرؤساء و الملوك في قمة تونس يومي 5 و6 دجنبر 2003 ،حيثراهن قادة الدول على ثلاثة تحديات كبرى :
-        التحديات السياسية والاستراتيجية .
-        التحديات الاقتصادية والتنموية .
-        التحديات الأمنية والعسكرية .
و تهدف سياسات دول جنوب أوروبا المتوسطية إلى محاولة إيجاد أرضية مشتركة مع دول المغرب العربي بغرض مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ، وحوار الأديان والحضارات وإقامة عدد من المشاريع المشتركة بين الدول المغاربية ، وصولا إلى إعادة إحياء الاتحاد المغاربي .
وينبغي الإشارة في هذا المقام إلى الأبعاد الاستراتيجية الكامنة وراء تفعيل حوار 5+5 من قبل دول جنوب أوروبا المتوسطية ، والتي تنطوي في جزء كبير منها على تنافس بين القوى الأوروبية على دول المغرب العربي ، ولا سيما التنافس الفرنسي /الإيطالي على الاستثمارات البترولية الليبية بالإضافة إلى الصراع الإيطالي /الاسباني /الفرنسي على الاستثمارات في تونس و المغرب و الجزائر.
و يعتبر حوار 5+5 بالنسبة للبعض ،إطارا للحوار السياسي الخاص بالمغرب العربي و أوروبا الجنوبية ، دون أن يشكل مزاحمة لمسيرة برشلونة الأورومتوسطية ،الشاملة لقضايا المنطقة المتوسطية ، في إطار أكثر حداثة مع سياسية الجوار الأوروبية الجديدة رغم أنه جاء كفكرة سابقة عنها .
و إن عددا من المحللين العرب يرجع هذه الحالة إلى العجز الاقتصادي و الأمني الذي يعيشه العرب، و الذي جعلهم مطمعا لقوى النفوذ الدولي. فحالة التخلف السياسي العربي و عدم وجود نظام ديمقراطي ، أدى إلى تكوين حالة خاصة من الاغتراب السياسي نتيجة للتسلط و الديكتاتورية التي مارستها الدولة في عالمنا العربي لعقود طويلة.
كل هذا يعطي مسوغات للغرب عموما و لأوروبا خاصة ،في أن  تتبنى أنظمة و سياسات تروم من وراءها ضبط حركة الدول التي تريد الخروج  عن عباءتها  الاستراتيجية ، فظهرت توجهات فكرية و سياسية وثقافية ، لتوثيق العلاقات بين جانبي البحر المتوسط تجسدت في "مؤتمر الأمن و التضامن في البحر المتوسط" وبما أن الإنسان كان دوما – بفعل حب الاستطلاع و الحاجة الملحة و إرادة الهيمنة – تواقا للسيطرة على مياه البحر ،لأنه بامتلاكه حرية الحركة و أسباب القوة فيها سيسهل عليه بالتالي المحافظة على مصالحه الحيوية .
و البحر الأبيض المتوسط هذا كان يعتبر مهدا للحضارات لمدة ألاف السنين لازال يحتفظ بكونه ملتقى استراتيجيا لا يوازيه بحر آخر في هذا المقام سواء بالنسبة للضفة الشمالية أو بالنسبة لمثيلتها  الجنوبية .
تنبع أهمية الموضوع من :
ـ طبيعة السياق الدولي بعد نهاية الحرب الباردة و إنعكاسها على مفهوم الأمن، وبروز متغيرات سياسية و اقتصادية و أمنية و حضارية، أدت بدورها إلى صعود تهديدات كانت كامنة و أخرى حديثة، استنفرت الفواعل المحلية و الإقليمية و الدولية سياسيين و أكاديميين.
ـ ارتباط أهمية الموضوع بإستراتيجية و جيوسياسية المتوسط ، كفضاء حيوي يتفاعل و المتغيرات الدولية المتسارعة بعد نهاية الحرب الباردة، ومنها متغير الأمن الذي تطور في مفهومه توسعا و عمقاً كبراً.
ـــ بروز الحاجة للحوار و التعاون بين الأطراف الفاعلة فيه، وخاصة في قسمه الغربي الذي تتقاسم أطرافه انشغالات و تتباين في أخرى ، فيما يخص الأمن الشامل للمنطقة، التي تحذو أطرافها الإدارة و المصالح للتقارب و الحوار أملا في إرساء بنية تشجع على التطور و الاستقرار.
ويعود اختيارنا لهذا الموضوع للأسباب الآتية:
1ـ اعتبارات ذاتية:
ـ يشكل موضوع الحوارات الأمنية اهمتاما خاصا من خلال ما قدم لنا كطلبة في ماستر الدبلوماسية المغربية، ومن ثمة جاءات الفكرة لإختيار الموضوع كبحث.
ـ محاولة إضافة الجديد لما كتب حول الحوارات الأمنية في المتوسط بصورة عامة المتوسط الغربي بصورة خاصة.
ـ كون المملكة المغربية إحدى دول غرب المتوسط المعنية بالحوار ومن أبرز الأطراف الفاعلة فيه.
ـ اعتبارات موضوعية:
ـ إنه موضوع يخض المستجدات في العلاقات الدولية و التعاون الدولي، ويدرس أهم المتغيرات الناجمة عن نهاية الحرب الباردة " متغير الأمن".
ـ اعتبارا لكون مجموعة 5+5 تشكل منبرا غير رسمي للتواصل و الحوار في الغرب المتوسط، تسمح بطرح كل الانشغالات السياسية و الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية.
إشكالية الدراسة:
اعتبارا لكون الحوارات الأمنية في المتوسط بشكل عام وفي قسمه الغربي بشكل خاص جاءت في سياق ما بعد الحرب الباردة، استجابة للتحولات و التغيرات في شتى المجالات، ومنها الأمن كمتغير رئيسي.
بناءا على ما تقدم و اعتبارا لمرامي البحث من هذه الدراسة بدا لنا أن طبيعة الموضوع تستدعي صياغة الإشكالية التالية:
مدى تأثر الحوارات الأمنية في منطقة المتوسط الغربي 5+5 بالتحول الحاصل في مفهوم الأمن بعد نهاية الحرب الباردة.
و تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية:
ـ فكيف جاءت شراكة دول 5+5 ؟
ـ وما هي الحمولة التي أتت بها ؟خاصة في المجال الأمني و الدفاعي وكيف قارب الاتحاد الأوروبي هذه الاستراتيجية انطلاقا من مسار برشلونة  ؟
ـ و هل استطاعت أوروبا بشراكتها في اتحاد 5+5 أن تكون في مستوى المنافس الأمريكي العنيد على الفضاء المتوسطي ؟
ـ إلى أي مدى يمكن بناء نظام / مركب أمني في غرب المتوسط بين أطراف غير متكافئة من حيث القدرات و متباينة من حيث مدركات التهيد؟
فرضيات البحث:
1 ـ تعود نشأة و إنطلاقة الحوارات الأمنية في المتوسط الغربي إلى الظروف و المتغيرات الإقليمية و الدولية التي أعقبت نهاية الحرب البارد.
2ـ يشكل التحول في مفهوم الأمن بعد نهاية الحرب الباردة المضامين و الأهداف الرئيسة للحوارات الأمنية في المتوسط الغربي.
3ـ ترتبط حظوظ نجاح الحوار في إطار مجموعة 5+5 بطبيعة الحوار و محدودية عدد أطرافه و إنخفاض مستوى التوتر في المتوسط.
ومن خلال المناهج المعتمدة خلال هذه الدراسة:
ـ اعتمدنا المنهج التاريخي للتتبع تداعيات التحولات و التغيرات الدولية الحاصلة و التي ميزت سياق نهاية الحرب الباردة و تحليلها، وكذا التحول الذي طرأ على مفهوم الأمن و متابعة تطوراته إقليميا و دوليا، وكما يوفر المنهج التاريخي الأدوات الكفيلة لتحديد الحراك الذي جاءت به الحوارات الأمنية في المتوسط .
ـ كما وظف المنهج المقارن لتقييمه العملية المعالجة، سواء تعلق الأمر بالتحول و التطور الحاصل و التعاون في مفهوم الأمن قبل و بعد الحرب الباردة، أو في مقارنة مضامين و أهداف أهم مبادرات الحوار و التعاون في المتوسط الغربي: فبروز مفهوم جديد أو مبادرة جديدة إلا و تحمل المقارنة في مضامينها لما سبقها من مبادرات.
ـ وكذلك المنهج الوصفي التحليلي؛ حيث تكمن أهميته في تناوله للحالة أو العينة المختارة للدراسة في البحث، أو عينة للبحث، ويحظى بالتحليل كنموذج تطبيقي ، وفي هذا الشأن استخدم في دراسة مجموعة 5+5 كحالة مميزة للحوارات التي عرفتها منطقة غرب المتوسط.
وتم تناول موضوع الحوارات الأمنية في المتوسط الغربي بعد نهاية الحرب الباردة طبقا للإشكالية و الفرضيات المطروحة وفق التصميم التالي:
الفصل الأول: مستويات الحوار الأورومتوسطي
إن الرهانات الأمنية حول المتوسط في فترة ما بعد الحرب الباردةأول: أنشسيؤنرلبملارلنلار
، يتم تناولها من زاوية أنها ستكون بين الشمال والجنوب كبديل للصراع شرق غرب، خاصة وإن حدة هذه الصراع آخذة في التراجع، فاسحة المجال وبهامش كبير لمناورات وفواعل إقليمية ذات طبيعة دولية وغير دولية، فهذا البروز والصعود لهذه الفواعل والعداء شمال جنوب كان يخفيه سباق الجرب الباردة، على الرغم من وجوده في أثنائها وخاصة في الفترة الإستعمارية وحركة شعوب المنطقة للتحرر والإنعتاق.
          وأصبح المتوسط بعد ذلك في مركز تظلم ينمي شيء من النفور والتضاد، بين ضفتين يتبادلان الكثير من المصالح والمكاسب وبداية بروز نوع من الشعور بالريبة وعدم الثقة، فأطراف الضفة الشمالية يخشون عدم إستقرار الجنوب، الذي سيصدر نحوهم نتيجة ذلك ما يسمى بالإرهاب والهجرة غير الشرعية وحتى أخطار إمتلاك أسلحة الدمار الشامل.
الفصل الثاني: مجموعة 5 + 5 نموذج لحوار متوسطي واعد
إن الطبيعة الجغرافية والجيوسياسية للبحر المتوسط، تدفع بالمجتمعات المشاطئة له إلى الاحتكاك والتواصل سواء صراعيا وتعاونيا وهي طبيعة العلاقات التي ميزته منذ زمن طويل، وبعد تحرر معظم شعوبه في الضفة الجنوبية وتطلعها إلى التطور والتقدم، أقدمت على ربط علاقات مميزة مع دول شمال المتوسط وخاصة الدول الاستعمارية السابقة. ولوضع استراتيجيات للتعاون وتبادل المصالح، حيث عرف المتوسط عديد الحوارات التي بدأت منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، ولعل من أبرزها الحوار في إطار مجموعة 5 + 5 لغرب المتوسط، والذي يبدو أكثر الحوارات حظا في النجاح والقدرة على تحقيق قيمة مضافة يمكن أن تكون اللبنة المؤسسة لحوارات طموحة ومثمرة، تبدأ بغرب المتوسط ثم تتوسع لباقي دول البحر المتوسط، كلما كان هذا الحوار يتقدم بوثيرة أسرع وبخطوات أوثق ويحقق نتائج تقود نحو الشراكة والاندماج الإقليمي.
خاتمة:
شكلت التحولات و التغيرات التي عرفها العالم و العلاقات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة علامة فارقة على الحقل النظري و المفاهيمي للعلاقات الدولية و الأمن، الأمر الذي استدعى مراجعة واسعة للأطر التحليلية و الفكرية التي كانت سائدة قبل نهاية الحرب الباردة، ومن بين الحقول المعرفية التي حظيت بالإهتمام و الدراسة و النقد حقل الأمن، سواء من حيث الدراسات الأمنية أو من حيث مفهوم الأمن من حد ذاته، إذ لن تعد المقاربات النظرية ما قبل الحرب الباردة كافية لإسقاطها على الواقع الدولي " علاقات و أمن " لما بعد الحرب الباردة.
فالمقاربات الوضعية كالواقعية و استنادا إلى الطبيعة الصراعية للعلاقات الدولية بقيت تصوراتها تتمحور حول الدولة ووسائل بقائها ، على الرغم من بعض المراجعات التي مست هذه المقاربة، إذ بقيت الواقعية ينظر إليها على أنها ذات نظرة في مفهومها للأمن، كونها لم توسع تصورها بشأنه ليشمل باقي الأبعاد وخاصة تلك البيئة الدولية بعد نهاية الحرب الباردة.


هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    إذا ممكن الدراسة كاملة و شكرا.

    ردحذف
  2. هده الكتب تع الاستادالدكتور سعدون جامعة قالمة الجزائر

    ردحذف