الجمعة، 20 مارس 2015

مشكل تجارة المخدرات بين المغرب و الاتحاد الأوروبي



 من إنجاز الطلبة: 

الزهرة بوروس ، رشيدة الغيشم.
        
مقدمة:
تعتبير المخدرات هي الافة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة في كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل حتى اصبحت خطر يهدد هده المجتمعات وينذر بانهيارها. وقد ثبت من ألأبحاث والدراسات العلمية أن المخدرات تشكل إرادة ألإنسان, وتّهب بعقله وتدفعه في أخف الحالات ألى ارتكاب الموبقات وتبعا لانتشار المخدرات  ازداد حجم التعاطي ولإدمان وتعد مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل الصحية والاجتماعية والنفسية التي تواجه العالم أجمع وطبقا لتقديرات المؤسسات   الصحية العالمية يوجد حوالي 800 مليون من البشر يتعاطون المخدرات أو يدمنونها.
          والإدمان على مخدر ما يعني تكون رغبة قوية وملحة تدفع المدمن إلى الحصول على المخدر وبأي وسيلة وزيادة جرعة من أن لأخر , مع صعوبة أو استحالة الإقلاع عنه سواء الاعتماد النفسي أو لتعود أنسجة الجسم عضويا وعادة مايعاني المدمن من قوة دافعة قهرية داخلية للتعاطي وسبب ذلك الاعتماد النفسي أو العضوي , ولقد تضافرت عديد من العوامل السياسية , فاقتصادية والاجتماعية لتجعل من المخدرات خطرا يهدد العالم بحيث تعد مشكلة المخدرات من أعقد المشاكل التي تواجه المجتمع الدولي في الوقت الراهن وهي ليست اقل خطورة من مشكلة الإرهاب ,ولا يكاد يفلت منها اي مجتمع سواء كان متقدما أو ناميا ,وتكمن أهمية هده المشكلة في أنها تمس حياة المدمن الشخصية والاجتماعية من جميع الجوانب سواء كان ّلك يتمثل في صورته أمام نفسه أو بينه وبين أفراد أسرته وتتمثل أهمية هذه المشكلة بالنسبة للمجتمع في أنها تحيط به وتمسه من جميع الجوانب الرئيسية واهم هذه الجوانب هو أمن المجتمع واستقراره.
          وتجدر الإشارة إلى ان الاقتصاد المغربي بغض النظر عن التصريحات والأرقام والمعطيات الرسمية يعتمد على أربعة مصادر إنمائية  واقتصاديه وهي عائدات الجالية المغربية بالخارج ,السياحة,الاستثمارات ألأجنبية ,وأخيرا عائدات الحشيش التي تتجاوز حسب بعض الدراسات الأربعة ملايين دولار ,وهناك من يقدرها بأكثر,إذن الحشيش زراعة وتجارة مصدر أساسي لدعم السياحة بالمغرب , لذّلك فإن كل مقاربة للدولة بهذا الخصوص تأخد بعين الاعتبار أهمية الحشيش الإستراتيجية في الاقتصاد الوطني . والذي لايمكن للدولة التصريح به , كما لايمكن للدولة أن تحارب المخدرات بشكل جذري فبغياب دعم دولي وأوروبي .
          وهو ما بدى جليا من خلال مشروع الوضع المتقدم للمغرب مع الإتحاد الأوروبي والذي أتاح للمغرب الحضور في بعض الوكالات الأوروبية من قبيل الوكالة الأوروبية للأمن والمرصد الأوروبي للمخدرات وذلك للحد والتصدي لمشكل تفشي ظاهرة تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي .
          ولدراسة هذا المشكل سنعمل على الإجابة على العديد من الأسئلة أهمها:
          _ماهي الجذور التاريخية لظهور مشكل المخدرات بالمغرب؟
          _أين يتجلى مشكل تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي؟
          _ماهي أوجه التعاون بين المغرب والإتحاد الأوروبي لمكافحة تجارة المخدرات؟
          _ماهي أهم الاتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع الدول الأوروبية في مجال التعاون لمكافحة المخدرات؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا إتباع التصميم التالي:
·   المبحث الأول:تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي :التطور التاريخي ومشكل التهريب
Ø              المطلب الأول:التطور التاريخي لظهور المخدرات بشمال المغرب
Ø المطلب الثاني: مشكل تهريب المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي
·       المبحث الثاني:أوجه التعاون بين المغرب والإتحاد الأوروبي في مجال مكافحة تجارة المخدرات
Ø              المطلب الأول: الجهود المبذولة لمكافحة مشكل تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي
Ø            المطلب الثاني :بعض الاتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع الدول الأوروبية في ميدان التعاون في مجال مكافحة المخدرات


·      المبحث الأول:تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي :التطور التاريخي ومشكل التهريب

Ø      المطلب الأول : التطور التاريخي لظهور المخدرات بشمال المغرب
            إن المغرب من الدول القليلة في العالم التي يطرح فيها مشكل المخدرات بشكل قوي ، فإذا كانت أغلب الدول تعاني فقط من مشكلة الإدمان أو التهريب المحدود ، فإن المغرب يعاني من مشكلة زراعة القنب الهندي و مشكلة التهريب المحلي و الدولي .
فبعض الظروف التاريخية التي عرفتها المنطقة الشمالية كان لها دور مهم في بروز زراعة القنب الهندي و توسعها ، وتطورها إلى حد أنه أصبحت  تطرح تحديات عديدة أهمها مشكل التهريب .
لم يجمع المؤرخين والباحثين على تاريخ معين لظهور هذه النبتة في البلاد ، التي قد يعود وجودها إلى القرن الخامس عشر في الريف الأوسط حيث استقدمتها وفود من المهاجرين العرب للمنطقة ، ومع مطلع القرن  19 أكد الرحالة الفرنسي "موليسراس" أثناء زيارته للمنطقة مشاهدته لزراعة القنب الهندي بشكل محدود في قبيلة بني خالد .
كما أن السلطان مولى عبد الرحمان ( 1872-1859) أول من قرر تنظيم المتاجرة في مادتي الكيف و التبغ المعد للإستنشاق حيث عمل على احتكار استغلال هذه المادة لضمان موارد جديدة لسد نفقات الحروب التي كان يخوضها ضد الخارجين عن نطاق سيادته في أواسط القرن 19 ، كما أن السلطان مولى الحسن ( 1894-1873) أعطى ترخيصا بزراعة القنب الهندي لخمس دواوير في كتامة و بن خالد و بن سدات والتي كان يهدف من ورائها إلى إحداث نوع من التهدئة في المنطقة التي كانت تشهد تمردا ضد السلطة المركزية للمخزن .
هكذا أصبح إنتاج القنب الهندي أمرا واقعيا في شمال المغرب و لكن بشكل محدود إلا أنه سيخضع بعد ذلك للتفاعلات الدولية التي شهدها المغرب في مطلع القرن 20 .
ففي سنة 1906 و طبقا لتوصيات مؤتمر الجزيرة الخضراء منح حق احتكار بيع و شراء التبغ و القنب الهندي بالمغرب للشركة المغربية للكيف و التبغ و بعد توقيع معاهدة الحماية و تقسيم التراب المغربي بشكل غير متوازن بين فرنسا و إسبانيا ، انتشرت زراعة و تعاطي " الكيف " و تأصيل في العادات الاستهلاكية و الزراعية المغربية . ففي بداية الاستعمار توسعت الزراعة في المنطقة الإسبانية حيث شجعتها سلطان الاحتلال و قدمتها كعربون ثقة للسكان من أجل القبول بالوضع الجديد ,إلا أن استطاع محمد بن عبد الكريم الخطابي توحيد قبائل الريف وهزم الاستعمار الإسباني .ومن ثم أصدر أوامره بمنع إنتاج واستهلاك القنب الهندي بحجة أن ذلك تنقض مع تعليم القرآن .واستمر المنع إلى غاية سنة1926 حيث سقطت إمارة الخطابي وعادة السيطرة للاحتلال الإسباني الذي وافق على زراعة الكيف حول النواة الأصلية في كتامة وذلك رغبة منه في استمالة قبائل المنطقة ,هو نفس الأمر بنسبة لفرنسا التي سمحت بزراعة القنب في منطقة شمال مدينة فاس , وعملت على حضر إنتاجه وتهربيه بالمناطق الأخرى الخاضعة لها من خلال ظهير 22 دجنبر 1938 باستثناء منطقة  الحوز والغرب ,إلا أن جاء ظهير 1954  ليمنع زراعة واستهلاك القنب الهندي على جميع مناطق المغرب الخاضع للاستعمار الفرنسي . وبعد استقلال المغرب ثم تعميم الحضر ليشمل جميع التراب الوطني مما أدى إلى استيلاء عارم لذي المزارعين بشمال الذين تعود على الاستفادة من التسامح الإسباني .
وكان هذا الأمر هو بداية مواجهة الدولة المغربية المستقلة مع هذا المشكل ومن هنا بداء البحت عن حل لهذا المشكل الذي كان وليد اعتبارات تاريخية واستعمارية و إرث استعماري ثقيل ,حيث سمحت الحكومة بهذه الزراعة داخل نطاق محدود بمنطقة كتامة إبان زيارة محمد الخامس للمنطقة , كما قررت الحكومة شراء كل المنتوج من الفلاحين لتقوم بإحراقه رغبة منها في التخلص من هذا المشكل بصفة نهائية إلى أن الأمر كان أكبر من ذلك ولم تستمر في هذه الخطوة إلا ثلاثة سنوات بسبب الصعوبات المالية .
وبداية من سنة 1958 تضافرت عدة عوامل أدت بالحكومة ألا تقبل هذه الزراعة ,أهمها ارتفاع البطالة والأسعار الناجم عن توحيد العملات ووقوع ما أطلق عليه ثورة الجبال ,وفي عشر سنوات لاحقة لم تعرف أي تحول إلى ان وقعت تغيرات عميقة مثل :
·       تنامي الطلب الأوروبي على القنب الهندي  ابتداءا من السبعينيات .
·       الصعوبات الاجتماعية و الاقتصادية التي واجهها المغرب عموما و مناطق الشمال خصوصا بسبب توجيه الجهود نحو الصحراء  مما سبق يمكن القول أن هناك عدة عوامل ساهمت في ارتفاع نسبة المساحات المزروعة بالقنب الهندي منها :
·       تكريس الاستعمار الاسباني لواقع الزراعة بالمنطقة من خلال تغاضيه عنه لأغراض استعمارية .
·       الصعوبات التي واجهتها الدولة في السنوات الأولى للاستقلال في القضاء على القنب الهندي نتيجة تكاليفها المالية الباهظة و انعكاسات المحاربة الاجتماعية على دولة حديثة العهد بالاستقلال هي في حاجة ماسة للاستقرار.
·       ظهور تقنيات جديدة لتحويل نبتة القنب الهندي إلى حشيش وزيت الكيف و الاستعمالات الصيدلانية .
·       كما عرفت المنطقة ضغطا سكانيا أدى إلى زيادة الاعتماد على زراعة الكيف كمصدر  للعيش .
·       الوضعية الاجتماعية و الاقتصادية الهشة للمنطقة نتيجة تخلفها التاريخي و الصعوبات الطبيعية التي تزيد من عزلتها.
·       تزايد الطلب الخارجي ووصول أفواج من السياح الأوروبيين إلى المنطقة بهدف أخد كميات من الحشيش إلى بلدانهم . و هذا ما أكد عليه الملك اللراحل الحسن الثاني الذي حمل المسؤولية في ارتفاع المساحات المزروعة للأجانب إذ قال " أصبح الأوروبيون المتوافدون على الديار المغربية في شمال المغرب يطلبون يوما بعد يوم اقتناء ما يسمى بالقنب أو الكيف و حينما وقع الاتصال بين المستهلكين المرفهين في الاستهلاك و بين المنتجين صادف هذا الاتصال سنوات الجفاف اتسعت الرقعة من 500 هكتار إلى 50 ألف هكتار ".
وهكذا اجتمعت عدة عوامل لتعطي واقعا مهيبا للأقاليم الشمالية موشوم بزراعة غير مشروعة ،ولكن تفرض نفسها في الواقع ، فإذا كانت المساحات المزروعة في نهاية السبعينيات لا يتجاوز 5000 هكتار فإنها اليوم تصل إلى أزيد من 47 ألف هكتار بمعدل إنتاج يصل إلى 116 ألف طن من الكيف الخام و 97 ألف طن من الحشيش برقم معاملات يصل إلى 4,6 مليار أورو .
و بهذه الأرقام أصبح المغرب هو أول منتج و مصدر للحشيش في العالم . وتتوزع مناطق الانتاج على خمس أقاليم تهم أكبر نسبة فيها إقليم شفشاون ثم الحسيمة و تاونات ، تطوان و العرائش التي أعلنتها وزارة الداخلية مدينة بدون قنب هندي سنة 2004 ، تعود لها هذه الزراعة في السنوات اللاحقة و تحاربها من جديد بعد تعنت المزارعين .
Ø          المطلب الثاني : مشكل تهريب المخدرات بين المغرب و الإتحاد الأوروبي   
            إن وضعية المغرب كدولة منتجة والذي يستحيل ترويجه محليا بالكامل حتم ضرورة البحث عن المستهلك إما في داخل التراب الوطني أي التهريب المحلي أو إلى الأسواق الخارجية من خلال التهريب الدولي .
أولا : التهريب على الصعيد المحلي
            إن جل محصول القنب الهندي يتم تحويله إلى مسحوق الشيرة " الحشيش أي يخضع لعملية تحويل تقليدية من مادة خام إلى منتوج قابل للاستهلاك من طرف المدمنين ، و أكبر نسبة من هذا الانتاج تتوجه إلى الأسواق الخارجية فيما تبقى بالمغرب نسبة ضعيفة ، و يعود ذلك بالأساس للاعتبارات المادية و ارتفاع نسبة الأرباح ، فتسويق المنتوج محليا لا يغري المهربين نظرا لضآلة العائدات المادية فهم يفضلون تهريب منتوجهم للخارج من أجل الاستفادة من فرق العملة و ارتفاع الأثمنة بالخارج نتيجة توظيف آليات لوجيستيكية في التصدير و صعوبة تجاوز نقط المراقبة و بعد المسافة .
 في ظل غياب أرقام دقيقة حول عدد المدمنين على الحشيش في المغرب لا يمكن التأكد من الكمية المروجة داخل التراب الوطني و لكن مع ارتفاع نسبة الادمان في الأوساط الشابة وانتقاله الى المراهقين و حتى النساء فإن تعاطي الحشيش يتزايد بشكل كبير مما يزيد من حدة الطلب المحلي بحيث يتم تهريب المخدرات من مناطق الانتاج و التحويل لشمال المملكة غلى باقي التراب الوطني و يتم ذلك في الغالب على شكل قطع صغيرة من طرف متاجرين (صغار ) حيث أن الأمر لا يحتاج إلى إمكانيات و استثمارات مالية هائلة ، و ضعف جودة المنتوج المعدة للاستهلاك المحلي و يتم تهريبها عبر السيارات الخاصة أو في وسائل النقل العمومي و حتى عبر الأشخاص و البغال ، كما يتم تهريب لفافات الكيف بدون تحويل المعدة للتدخين .
 إن شبكات التوزيع التي تقوم بهذا التهريب المحلي هي المستفيد الأكبر من المداخيل التي تدرها تجارة المخدرات وطنيا مستغلين نسبة الإدمان الذي يطرح تحديات على السلطات العمومية خصوصا قطاع الصحة و التربية الوطنية .
ثانيا: التهريب الدولي
 يتموقع المغرب في محيط جغرافي متميز فمن الشمال تصله شواطئه المتوسطية بأوروبا ، و له حدود من جهة الشرق مع الجزائر و جنوبية مع موريتانيا ، هذه الوضعية جعلته قاعدة لانطلاق عملية التهريب نحو أوروبا و منطقة عبور للشاحنات المخدرات الصلبة القادمة من أمريكا اللاتينية العابرة للساحل الإفريقي.  و يعتبر المغرب أول مزود للمخدرات لأوروبا "الحشيش " و تعتبر اسبانيا أول الدول عالميا من حيث كمية المخدرات المحجوزة حيث أصبحت اسبانيا منذ أواسط الثمانينات نقطة أساسية لتوزيع الشيرة القادمة من المغرب ، مما جعل مختلف شبكات الترويج الأوروبية و المغربية تستقر في هذا البلد . و يوضح هذا المؤشر أهمية التراب الاسباني في مرور الحشيش المغربي  باتجاه مختلف أسواق أوروبا .
ورغم كل المجهودات التي يبدلها المغرب من أجل تخفيف حدة التهريب نحو أوروبا ، فإن شبكات التهريب تعمل على تطوير آلياتها و يدفع ارتفاع الطلب الأوروبي بالمهربين إلى المغامرة و تجاوز الحواجز الأمنية من أجل توفير طلبات المدمنين الأوروبيين الذي يشكل سوق استهلاكية مغرية خصوصا و أن بعض الدول الأوروبية تشريعاتها متساهلة مع تعاطي مخدر الشيرة ، إضافة إلى تجاوز الحدود داخل الاتحاد الأوروبي ، كما أن تباين سعر صرف العملات بين الأورو و الدرهم يعطي هامشا من الربح للمروجين المغاربة.
           فشساعة الحدود المغربية البحرية و البرية وصعوبة مراقبة كل المنافذ يمنح الفرصة للمهربين في مد الأسواق الخارجية بالمخدرات التي تزرع بشمال المغرب .
          وتعتمد هذه الشبكات في تهريبها للمخدرات لكميات كبيرة على الزوارق الفائقة السرعة ، كما يتم تهريب المخدرات عن طريق دسه مع شحنات المواد الفلاحية أو المصنعة والمعدة للتصدير . و يلجأ صغار المهربين إلى الاعتماد على سياراتهم السياحية ، واستغلال حالات الاكتظاظ و صعوبة مراقبة كل العربات بنقط الحدود أثناء فترة الاستقبال و عودة المغاربة المقيمين بالخارج  .
          وفي السنوات الأخيرة و بعد اشتداد المراقبة على معبر جبل طارق غيرت شبكات التهريب وسائلها بشكل ملفت حيث أصبحت تعتمد على  الطائرات الخفيفة ووسائل الاتصال و تكنولوجيا عالية ، و عملت على توظيف عناصر ذو خبرة عالمية قادمين من أمريكا اللاتينية متمرسين على التهريب الدولي للمخدرات .
           كما يلجأون في بعض الأحيان إلى وسائل أكثر احترافية و قساوة كالاحتجاز كخطف الأشخاص والتهديد بالقتل واستعمال الأسلحة النارية و مقايضة الحشيش بالكوكايين ولابد من الاشارة في هذا لاسياق إلى مشكل تهريب المخدرات نحو المغرب خصوصا الصلبة منها رغم أن الطلب على هذا النوع من المخدرات حجما كبيرا نظرا لارتفاع ثمنها و اقتصار استهلاكها على بعض الفئات الغنية ، كما أن المغرب في أغلب الأحيان منطقة عبور نحو أوروبا ، إلا أن خطر هذه المخدرات بدأ يتزايد مما يحتم الانتباه له ، لأنه أكثر خطورة من مخدر الحشيش .
Ø    المطلب الثالث : مخاطر زراعة و تهريب المخدرات بالشمال
           يعد إنتاج و ترويج المخدرات أخطر الأنشطة الغير مشروعة ، وذلك نظرا لتأثيرها على مختلف نواحي الحياة ، بحيث تقوض الدينامية الاقتصادية و لها تأثير على البنيات الاجتماعية والأسرية . وتفسد الأجهزة الادارية والسياسية و حتى الأنماط الثقافية و الوسط البيئي .
Ø    المخاطر الاقتصادية:
 للمخدرات طبيعة اقتصادية فهي سلعة كباقي السلع التي تنظمها التعاملات الاقتصادية سواء من حيث الانتاج أو التسويق و حتى الاستهلاك ، إلا أنه يعتبر اقتصادا خفيا و غير شرعي ، كما و يمكن القول بأن هذه التجارة تعكس مخاطر عدة منها مخاطر غسل أموال المخدرات على الاقتصاد الوطني ، وذلك لأن تجارة المخدرات تعد من أهم مصادر الأموال الغير مشروعة التي تحتاج إلى غسل حتى تأخد صورة المال المشروع ، و ذلك عن طريق توظيف الرساميل المستمدة من عمليات الاتجار في المخدرات ضمن صفقات تجارية مشروعة . وذلك تهربا من المتابعات القضائية، وهذا النوع من العمليات يسبب خسائر مالية ضخمة نتيجة عدم خضوعها للضرائب أو الالتزامات القانونية الأخرى ، الشيء الذي ساهم في زيادة عجز الميزانية العامة . ونقص في تحقيق تدفق الاستثمارات الأجنبية نظرا لعدم الثقة في الاقتصاد الذي تتسع فيه دائرة الأموال المشبوهة .
 إن انعاكاسات المخدرات على الميزانية العامة للدولة بحيث أن قيام الحكومة بتخصيص الكثير من المال و الجهد على جبهة المكافحة يؤدي إلى عبئ مالي إضافي على الميزانية العامة ، وانتشار البطالة و انخفاض إنتاجية الفرد في المناطق المنتجة للمخدرات.
Ø    المخاطر الاجتماعية :
           إن الخطورة الاقتصادية لزراعة المخدرات وتهريبه للمغرب ، تنعكس على الجانب من خلال ارتباط ما هو اقتصادي بالجانب الاجتماعي المتعلق بالبطالة و تأثيره على أسعار العقار مما يكرس أزمة السكن بما له من خطورة اجتماعية .
           بالإضافة إلى أن زراعة الكيف بمنطقة شمال المغرب أصبحت جزء من النسق العام للمجتمع و الاقتصاد و باتت تشكل عنصر من عناصر خصوصية المنطقة و هي ناظم الحياة الاجتماعية ، فيلاحظ أن التحولات مست سلوك الإنسان و البيئة الاجتماعية و الأنماط الثقافية و المستوى المعيشي و استغلال الأرض وتدبير الشأن الجماعي .
Ø        الانعكاسات السياسية لمشكل المخدرات :
إن انعكاس المخدرات على الشأن السياسي بالمغرب غير قابل للقياس ، ولكن هذا ليمنع من محاولة رصد مخاطر المخدرات .
v   فعلى المستوى الداخلي للدولة يمكن أن يكون تأثير زراعة المخدرات في الحقل السياسي عبر آليات عدة أهمها:
ü    البحث عن حماية سياسية للنشاط الإجرامي .
ü    استعمال أموال المخدرات في الحملات الانتخابية .
v   أما بالنسبة للمستوى الخارجي فإن تأثير زراعة المخدرات و تهريبها في الحقل السياسي فمن أهم الوقائع التي كان لها مفعول مؤثر على سمعة المغرب هو صدور سنة 1994 التقرير عن وضعية المخدرات بالمغرب للمعهد الجيوسياسي بطلب من الأمانة العامة للإتحاد الأوروبي . هذا التقرير أثار جدلا كبيرا حين صدوره نظرا للمعطيات " الخطيرة " التي وردت فيه ، كما صدرت في نفس السياق مجموعة من التقارير الرسمية و الأكاديمية المهتمة بمشكل المخدرات بالمغرب ، و التي تطعن في المجهودات الحكومية لمحاصرة المشكل ، و كان رد الحكومة دائما بأنها إدعاءات مبالغ فيها بصورة متعمدة بقصد تشويه سمعة البلاد و التأثير على مصالحه
Ø       المخاطر الأمنية لمشكل المخدرات :
  تعتبر مشكلة المخدرات من أكبر التحديات الأمنية المعاصرة في العالم بأكمله بعدما أصبحت جريمة متعددة الجوانب و معقدة الاتجاهات و مولدة لأنماط جديدة من المخاطر الأمنية ، و أصبحت متلازمة ومنضوية تحت مفهوم الجريمة المنظمة نظرا لخضوعها لتخطيط و تنظيم مسبقين . إن تحالف مهربي المخدرات مع الجماعات الإرهابية خطرا كبير على استقرار و أمن المنطقة حيث سيمكن هذه الجماعات من شراء أسلحة و المعدات في تمويل العمليات و تجنيد الأعضاء بفعل أموال المخدرات ، ونضيف أيضا الانعكاسات الأمنية المحدودة و المرتبطة بالإدمان و انتشار الجريمة ذات الصلة بالمخدرات في المجتمع المغربي و بعض الأعمال الإجرامية المرتبطة بالصراع حول الأرض و الماء بمناطق زراعة الكيف .  
·      المبحث الثاني: أوجه التعاون بين المغرب والإتحاد الأوروبي في مجال مكافحة تجارة المخدرات
Ø                المطلب الأول: الجهود المبذولة لمكافحة مشكل تجارة المخدرات بين المغرب والإتحاد الأوروبي
لقد أولت السلطات المغربية مند وقت مبكر إهتماما بالغا بمشكلة المخدرات , كما أن العناية بهده القضية أخذت وجهة خارجية , باعتبار أن الإطراف الخارجية ولاسيما الأوربية معنية بهذا الموضوع لكنها مصدر الطلب على المخدرات .
وهكدا تصدت السلطات المكلفة بالمكافحة لهذه الظاهرة على جميع المستويات من خلال المشاركة الفعالة في الملتقيات الوطنية والدولية بواسطة المتدخلين الوطنيين المهتمين والمتخصصين في هذا المجال . وقد استغل المغرب فرص التعاون عند حضور المؤتمرات والندوات الدولي ليعبر عن مدى رغبته في القضاء على هذه الآفة, وفي هذا الإتجاه شارك في المؤِتمر الدولي حول مكافحة المخدرات المنظم بمبادرة من الحكومة البريطانية مابين 23 و26 يناير 1989, ومن بين وسائل المكافحة اقترح المغرب التفكير في تخصيص عائدات المواد المخذرة المحجوزة والمصادرة عبر العالم لصندوق الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات وقد لقي هذا الاقتراح استجابة من طرف ممثلي أجهزة الأمم المتحدة وكذا من طرف بريطانيا.
إن موقف المغرب إزاء هذا المشكل يبدوا واضحا, وقد تم التعبير عنه دون لبس من طرف المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في الرسالة التي وجهها إلى السيد جون ميجر الذي كان حينئذ رئيسا للمجلس الاوروبي جاء فيها : (لقد تحدد مند عدة سنوات موقف المغرب من هذا المشكل بما ليدع مجالا لأي التباس ... ومن جهة أخرى يعتبر أن كل مجهود في مجال محاربة الإتجار بالمخدرات لابد أن يكون موضوع تعاون وثيق بين جميع البلدان المعنيه )
وهكذا لقي نداء جلالة الملك ارتياحا لدى المجموعة الأوربية وشركاء المغرب إذ عبر رئيس المجموعة من خلال جوابه المؤرخ في 6 يناير 1993, عن مساندته الشاملة للمقتضيات التي إتخدتها المملكة من أجل مكافحة ترويج المخدرات في إطار التعاون مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية.
وكذلك كان الأمر مع مجلس الشؤون العامة لوزارة الخارجية لبلدان المجموعة الاقتصادية الأوروبية , الّي انعقد في فاتح فبراير 1993 والذي أعلن ناطقه الرسمي في أعقاب هذا الإجماع عن تقديره الإيجابي وإرادته السياسية من أجل مباشرة مسلسل للتعاون والشراكة مع المغرب عبر وضع استراتيجية شاملة ومندمجة.
كما أولى الاتحاد الأوروبي أهمية قصوى لمشكلة المخدرات إبان القمة الأوربية التي عقدت في ديسمبر 1999 بهلسنكي عن استراتيجية أوربية ضد المخدرات وفي مطلع ستة 2000 نظمت اللجنة الأوربية والبرلمان الأوربي مثمر حول السياسة الأوربية في مجال المخدرات . ولكن لايمكن أن ينجح الإتحاد في هذه السياسة دون التعاون مع المغرب لاعتبار مهم وهو أن أغلب المخدرات التي تروج في أربا قادمة من المغرب ويتحتم عليه مساعدة المغرب في هذا المجال . لهذا انخرط الإتحاد الأوربي في المساهمة في جهود المغرب لتنمية منطقة الشمال سواء في إطار برنامج ميدا أو من خلال المشاريع التي يتم تمويلها خارج هذا البرنامج . وقد تجسد عمل الإتحاد والدول الأعضاء فيه لفائدة أقاليم الشمال في عمليات على شكل التزامات مالية مؤلفة من هبات وقروض قيمتها 929 مليون أورو أي حوالي 10 ملايير درهم.
هذه المبالغ المالية موجهة لمحورين أساسيين الأول يهم البنيات الأساسية والمهم فيها ماهو موجه بشكل غير مباشر لمحاربة القنب الهندي حيث ساهم الإتحاد في:
·       مشروع التنمية القروية المندمجة وتدبير الموارد الطبيعية بالشمال .
·       مشروع التنمية التشاركية للمناطق الغابوية ومحيطها
·       مشروع التهيئة الهيدرو فلاحية لدائرة الساهلة بإقليم تاونات.
أما المحور الثاني يهم دعم التنمية الاجتماعية ويتضمن عدة مشاريع .
وأمام خطورة هذا المشكل الذي تفاقم بإستمرار , ولمواجهة الوسائل المتطورة التي أصبح يستخدمها تجار المخدرات , بدأت السلطات المغربية مرحلة جديدة في تقوية وسائل مكافحة المخدرات ,فتم تجنيد بعض أجهزه الجيش والإدارة لمحاربة هذه الظاهرة سواء على مستوى مرحلة الإنتاج وترويج الكيف او على مستوى مرحلة تبييض المبالغ المالية الناتجة عنه.
وإقناعا منها في قابلية اختراق سواحل البحر الأبيض المتوسط التي تمر عبرها جل عمليات ترويج المخدرات , وضعت السلطات العمومية في أكتوبر 1992 جهازا أمنيا لم يسبق له نظير , حيث جند لهذا الغرض عددا مهما من الأعوان يقدر عددهم ب 10000 رجل وكذا وسائل مادية كبيه (طائرات توربو... مروحيات , وزوارق للدوريات السريعة ,والقوارب ألآلية...).
إن العمل الردعي الذي تقوم به مجموع الأجهزة المذكورة سلفا , قد عرف تطورا ملحوظا وأن الهدف المنشود قد تم بلوغه نسبيا , فبالنسبة للكميات المحجوزة من المواد المخدرة تبين أن مصالح الأمن قامت في 1992 بحجز 65 طن من مادة الشيرا , أما الكوكايين فقد تم حجز 24 كلغ منه في ستة 1994 , وهي نسبة ضئيلة مما يظهر أن المغرب لايمكن إعنباره مكانا أو مركزا  كبيرا لعبور وترويج هذا النوع من المخدرات القوية الواردة من أمريكا اللاتينية والموجهة نحو أوربا( ونحيل هنا إلى قضية الكوكايين المشهورة لسنة 1997 والتي كانت موجهة خصيصا لأوربا , القادمة من أمريكا اللاتينية بعد  العطب الذي أصابها).
في سنة 1994 أصدر المغرب "كتابا أبيضا " حول الإستراتيجية الواجب إتباعها والإمكانيات وكذا الوسائل القانونية والآلية والبشرية المعبأة لإنجاح تطبيق هذه السياسة في مجال مكافحة المخدرات , وأكدت هذه الوثيقة أن استئصال زراعة الكيف بالمغرب يمر عبر إستراتيجية شاملة ومندمجة ومتفق عليها تتضمن مكوناتها أعمالا وقائية وزجرية وبرنامجا استعجاليا لتنمية أقاليم الشمال يرتكز على ثلاث محاور:
ü    تطوير البنيات الأساسية لفك العزلة عن المنطقة الشمالية
ü    تشجيع الاستثمارات المنتجة للقيام باستبدال تدريجي لزراعة الكيف
ü    وتنمية القطاعات الاجتماعية لإعادة تأهيل السكان المحليين
وجاء في هذه الوثيقة أن إنجاز مختلف هذه المشاريع في قطاعات متعددة , يهدف في النهاية إلى استبدال زراعة الكيف والقضاء تدريجيا على ترويج المخدرات , والحد من الهجرة بتوفير ظروف استقرار السكان في مناطقهم وذلك بضمان عيشهم الكري أي بتطبيق أحد المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان عليهم.
كما جاء فيها أيضا أن السلطات المغربية تعي بأنه من أجل ضمان تناسق الإعمال والسياسات في محاربة المخدرات بين المغرب وشركائه الأوربيين , يظل من الأهمية بمكان تعميق النقاش في هذا الموضوع في إطار الأجهزة المتخصصة للأمم المتحدة وذلك قصد التوصل إلى موقف ناضج وموضوعي .وطالب الكتاب الأبيض صراحة من الإتحاد الأوروبي الإلتزام بمعاهداته اتجاه المغرب .
Ø    المطلب الثاني :بعض الاتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع الدول الأوروبية في ميدان التعاون في مجال مكافحة المخدرات
                                                I.          اتفاقية المغرب مع إسبانيا:
إن المغرب يعد من الدول المنتجة لمادة الكيف ومشتاق وخصوصا في منطقة الشمال التي تعتبر منطقة حدود مع إسبانيا وشعورا من البلدان بالخطر الذي يهددهما من جراء تعاظم تجارة المخدرات سارع الطرفان إلى إبرام إنفاق ثناني في مجال مكافحة المخدرات بالرباط بتاريخ 21 يناير 1987 , وقد جاء في ديباجة هذا الإنفاق " أن المملكة المغربية , والمملكة الإسبانية , وعيا منهما بالخطر الذي يشكله إستهلاك المخدرات على مواطني البلدين والعواقب الوخيمة التي تنتج عن ذلك بالنسبة للأمن العام والصحة العمومية واعتبارا لكون التعاون الوثيق بين سلطات البلدين لمكافحة التاجرة في المخدرات وإستهلاكها لن يعود إلابالنفع " .
          فقد اتفق الطرفان على التعاون المشترك في ميدان المكافحة في الميادين التالية:
1)    في ميدان الوقاية:
اتفق الطرفان على تبادل المعلومات حول البرامج التجريبية والبرامج العامة الهادفة إلى رفع مستوى الصحة والتربية التي تترتب عنها الوقاية من خطر المخدرات خصوصا فئة الشباب باعتبارها أكثر تعرضا لمخاطر المخدرات.
2)    في الميدان الاجتماعي والصحي:
أتفق الطرفان حول تبادل المعلومات في الميدانيين الاجتماعي والصحي على أن يشمل التعاون الثنائي معلومات حول المصالح المهتمة بالعلاج إضافة إلى التجارب الأوروبية التي تساهم فيها الحكومة الإسبانية . كما يشمل التعاون الثنائي تبادل الدراسات والتقييم للبرامج التجريبية الجاري العمل بها في مجال مكافحة ظاهرة الإدمان وإعادة التأهيل, وممارسة العودة لتعاطي المخدرات والاتجار بها.

3)    في الميدان التشريعي :
يتبادل الطرفان المعلومات حول انتشار الأوبئة من جراء إستهلاك المخدرات ومدى حجم الظاهرة والجهود المبذولة لمواجهتها.
كما أجاز الإتفق المتعاقد للطرفين بعقد الإنفاقات الأدارية والإجراءات الضرورية اللازمة لتنفيذ  هذا الإتفاق .
وجاءت المادة الخمسة من الإنفاق لتنص على إحداث لجنة مغربية إسبانية متساوية العضوية تضم اعضاء يتم تعيينهم من كلا البلدين , على أن يشارك في عضويتها من الجانب المغربي ممثلون عن وزارة العدل , الشؤون الخارجية ووزارة الداخلية والصحة العمومية, وعن الجانب الإسباني ممثلون عن الوزارات التالية _الصحة_ الإستهلاك_ العدل _الداخلية_ والشؤون الخارجية
وتقوم اللجنة بالإضافة للمهام المناطة بها من قبل السلطات المختصة بالمهام التالية:
·       تعتبر اللجنة كأداة إتصال بين السلطات المختصة بين البلدين ,وتقترح عليها حيثيات التعاون في ميدان مكافحة امخدرات.
·       تقترح على السلطات المختصة الاتفاقيات الإدارية وقواعد الإجراءات الذكورة في المادة الرابعة
وقد نصت المادة الثامنة على دخول هذا الإتفاق حيز التنفيذ إبتداءا من تاريخ التوقيع عليه.
                    II.          اتفاقية ثنائية بين المغرب وفرنسا في مجال مكافحة المخدرات:
وقع المغرب وفرنسا إتفاقية  تعاون في مجال الأمن في 30 ماي 2000 وقد إتفق الطرفان على:
المادة 1 : مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمِشرات العقلية ومحاليلها الكيماوية,
المادة 2 : يتعاون كل طرف بموجب هذه الإتفاقية مع الطرف الإخر وفق تشريعاته الوطنية ووفق أحكام معاهدات الإمم المتحدة ذات الصلة , خاصة منها إتفاقية الإمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات والِمِؤثرات  العقلية المبرمة بفيينا بتاريخ 19 دجنبر 1988 و المصادق  عليها من قبل البلدين .
لذا يتبادل الطرفان :
1.    معلومات عن الأشخاص الضالعين في الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية , وعن أساليبهم ومخابئهم ووسائل نقلهم وعن مصادرهم ومعابرهم ومواقع تزويدهم بالمخدرات والمِؤثرات العقلية ومواقع تسليمها.
2.    معلومات ميدانية عن الإتجار الدولي غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية وعن تبييض الأموال الناتجة عنه.
3.    نتائج تحاليل علم الإجرام في مجال الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والإسراف في تعاطيها.
4.    عينات من المخدرات والمؤثرات العقلية ومحاليلها التي قد يتم الإسراف في تعاطيها . أو معلومات تقنية حول العينات المحصلة . ويتم التبادل على أساس إحترام التشريعات الوطنية .
5.    معلومات ميدانية عن المراقبة وعن الإتجار المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية ومحاليلها  التي قد تستعمل لأغراض غير مشروعة.
المادة 11: تقرر إنشاء لجنة مشتركة التعاون في مجال الإمن بهذف تحقيق الإهداف المنصوص عليها في هذه الإتفاقية وتنفيذ التعاون الوارد ذكره.
المادة 14: أبرمت هذه الإتفاقية بين الطرفين لأجل غير محدد , ويعلم كل طرف نظيره بالطرق الدبلوماسية عن إستكمال الترتيبات والإجراءات الوطنية اللازمة حتى تدخل هذه الإتفاقية حيز التنفيذ.
Ø    المطلب الثالث : العراقيل التي تحد من فعالية التعاون المغربي الأوروبي لمكافحة الإرهاب:
         في تدخل لوفد المملكة المغربية خلال الدورة الثامنة والثلاثين للجنة ألمخدرات بفيينا" في الفترة مابين 14 و23 مارس 1995 , ثم الإعلان عن أهم ما يعرقل السلطات المغربية في ميدان مكافحة تهريب المخدرات والإتجار فيها , كونها تخضع لإلتزامات يصعب التوفيق بينها :
·       الأول إلتزام المغرب بتوصيات المؤسسات النقدية الدولية التي تدعو إلى تسهيل حركة تنقل البضائع وتحرير التجارة العالمية من جميع القيود .
·       أما الإلتزام الثاني فيتمثل في تكتيف الجهود الرامية إلى تشديد المراقبة والتفتيش لوسائل النقل البرية والبحرية الناقلة لتلك البضائع قصد منع تهريب المخدرات .
·       التزايد المذهل للطلب الأوروبي على الشيرا المصدرة  بأثمنة جد مرتفعة,مما يدفع إلى إرتفاع المساحات المخصصة لزراعة القنب الهندي والتي تجاوزت 5000 هكتار لتصل إلى 50.000 هكتار.
·       تورط شبكات قوية للمهربين الدوليين يمتلكون أموال مذهلة وأجهزة وتقنيات لاتتوفر عليها السلطات المغربية , وهذا ما برهنت عليه عمليات الإعتقال والتفكيك التي شملت هذه الشبكات في عام 1996 . كما أن مافيا المخدرات في البلاد ركزت وضعا خاصا يتأسس على خرق القانون والتوفر على أدوات التحايل لترويج المخدرات بالداخل والخارج.
·       زراعة الكيف في قطع أرضية صغيرة في مناطق جبلية وعرة يتعذر الوصول إليها .
·       نقص الإمكانيات والوسائل للتغطية الجوية والبحرية والأرضية الضرورية للأطر المكلفة بالزجر.
·       تحرير الإقتصاد الوطني عامة والتجارة الخارجية خاصة لتسهيل التبادلات التجارية.
بالإضافة إلى كل ماسبق ,فإن المجهودات المبذولة من طرف المغرب تِؤثر فيها مشكلتان أساسيتان:
1.    المشكل الأول يتعلق بالأعباء المالية لعملية مكافحة المخدرات والتي تكلف الدولة المغربية نفقات باهضة يفوق قدرها مائة مليون دولار سنويا أي مايعادل 5%  من ميزانية الإستثمار العمومي , وهو مجهود يصعب على المغرب تحمله لوحده على المستوى المتوسط والبعيد .
2.    أما المشكل الثاني فيتعلق بالإتجاه الذي بدأ يسود حاليا والهادف إلى إباحة تعاطي مايسمى بالمخدرات الخفيفة المفعول في بعض الدول المتقدمة , بحيث أصبحت تباع عبر شبكة الأنترنيت في أروبا الغربية .
وفقا للدراسة إحصائية أجراها برنامج الأمم المتحدة عام 1993 فإن أموال المخدرات في إقتصاديات العالم , تعمل على تنشيط إستهلاك الواردات وسلع الترف , وتفضل المضاربة دون إستثمار في مشاريع الصادرات المنتجة وتغدي التضخم خصوصا في البلدان النامية , وقد تبين للعالم أن عمليات تنظيف هذه الأموال أغرق الأسواق والأبناك والمشروعات الإنمائية بشكل أصبح من المستحيل معه ضبط " التنظيف" أو معرفة آلياته المعقدة وتمر أموال المخدرا ت في العالم المصنع لتبييضها عبر ثلاث طرق:
·       التشغيل
·        التكدس
·        الإدماج أو الإدخال
وسنوضح هذه الطرق الثلاث من خلال المراحل التالية:
1.    تحويل الأرباح اللامشروعة إلى " أموال مشروعة " في بلد معروف بإقتصاده الثابت حيث يستطيع أباطرة العصابات إستخدامه بشكل قانوني .
2.    مضاعفة الدارات التي يمر بها المال للتخفيف من مخاطر الكشف عن مصادره وذلك إما  بنقل المال نقدا وسرا إلى مناطق تعرف ب" الفردوس الضريبي" أو توزيعه على شركات وهمية ومتواطئة تتولى تصريفه عبر نوادي القمار أو مراكز تأجير السيارات أو بيوت الدعارة أو وكالات الأسفار  ...
3.    إدخال المال المتسخ في النظام المصرفي المعترف به إما نقدا أو بالتحويل المصرفي على حسابات شركات شرعية قانونية أو حسابات رجال أعمال معروفين بنشاطهم المشروع.
4.    تضليل المحققين عن مصدر المال يإيداعه في مصارف معروفة بإحترامها للسرية ( سويسرا, هونغ كونغو , سنغافورة ,أبو ظبي...) وهنا يتحرك المال عبر الدارت الإلكترونية من مكان إلى اخر بحيث يستعصي على الخبراء معرفة مصدره أو الجهات التي يحول إليها
5.    إيصال المال المتسخ إلى المراكز المالية الكبيرة كبورصة وول ستريت أو مصرف السيتي بنك في لندن لإستثماره في المشاريع المالية والإقتصادية الكبرى
6.    إستثمار المال المتسخ في دارة الإقتصاد القانوني (تجارة الجملة ,المضاربة العقارية ,البورصة, تجارة اللوحات الفنية ... 
خاتمة:
 يعتبر المغرب أول منتج عالمي لمادة الحشيش فبعد إنشاء لجنة برلمانية حول المخدرات في يناير 1997 أقرت هذه الأخيرة في تقريرها النهائي أن القنب الهندي يحتل  مساحات 7 آلاف هكتار وينتج 15 ألف طن من الحشيش ، وقد حاول المغرب بتعاون مع الإتحاد الأوروبي ، الحد من تجارة و تهريب المخدرات عبر تبادل المعلومات ، وتقديم المساعدات التقنية و المالية و القيام بعمليات التفتيش و المراقبة الجوية و البحرية . كما سبق للاتحاد الأوروبي أن شن حملة شرسة على المغرب اتهمه فيها بالترويج للمخدرات، و بأنه المصدر الأول للقنب الهندي في العالم، وذلك من خلال تقارير و استطلاعات نشرتها بعض الصحف الأوروبية.
أما بالنسبة للمغرب ، فقد بذل مجهودات كبرى في محاولة الحد من تجارة المخدرات و من الأمثلة على ذلك المحاولات التي قام بها المغرب في هذا الشأن ، حيث تجلت جهوده في تنمية المناطق التي يزرع فيها القنب الهندي خاصة المناطق الشمالية ، و ذلك بإعادة هيكلة المزروعات بالمنطقة ، لكن هذا يحتاج إلى إمكانات هائلة و مصادر تمويل كبيرة ، لا يستطيع المغرب لوحده مواجهتها . كما أن المقاربات الأمنية التي يتبناها الاتحاد الاوروبي لمحاربة المخدرات لم تعد كافية دون الاسهام في تنمية تلك المناطق و تشجيع الهجرة المنظمة في اتجاه دول الشمال .    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق