السبت، 21 مارس 2015

القواعد الدولية الاتفاقية المتعلقة بحماية الأشخاص المعاقين

 من انجاز الطالبة : حنان الكانوني
مقدمة:
يظل الأشخاص ذوو الإعاقة من بين أكثر الناس تهميشاً في كل مجتمع. وبينما غَيَّرَ الإطار الدولي لحقوق الإنسان حياة الناس في كل مكان، لم يَجْنِ ذوو الإعاقة هذه الفوائد نفسها.
وهم بغضِّ النظر عن حالة حقوق الإنسان في البلد أو وضعه الاقتصادي، يقفون بوجه عام في آخر الخط انتظاراً لاحترام حقوقهم الإنسانية. إن معظم الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد حُرِموا من الفرص التي تمكنهم من أن يكونوا مكتفين ذاتياًّ، يلجأون إلى عطف الآخرين أو صدقتهم. وقد حدث في السنوات الأخيرة إدراك متزايد في مختلف أنحاء العالم لكون حرمان 650 مليون فرد من حقوقهم الإنسانية لم يعد مقبولاً. لقد حان الوقت للعمل.
إن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي رد المجتمع الدولي على التاريخ الطويل من التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة واستبعادهم وتجريدهم من إنسانيتهم. إنها اتفاقية تاريخية فتحت آفاقاً جديدة بطرق عديدة، فقد كانت المفاوضات بشأنها أسرع مفاوضات تجرى بشأن معاهدة لحقوق الإنسان في التاريخ، وأول معاهدة لحقوق الإنسان تعقد في القرن الحادي والعشرين. وجاءت هذه الاتفاقية نتيجة لثلاث سنوات من المفاوضات، اشترك فيها المجتمع المدني والحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات، الدولية. وعقب اعتماد الجمعية العامة لهذه الاتفاقية في كانون الأول/ديسمبر 2006أظهر رقم قياسي من الدول التزامه باحترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتوقيع الاتفاقية والبروتوكول الاختياري عندما فتح باب التوقيع عليهما في شهر آذار/مارس 2007تضمن الاتفاقية تَمَتُّعَ أكبر فئة أقلية في العالم بنفس الحقوق والفرص التي يتمتع بها كل من سواها. وهي تشمل مجالات كثيرة تعرَّض فيها الأشخاص ذوو الإعاقة للتمييز ضدهم، من بينها الوصول إلى العدالة؛ والمشاركة في الحياة السياسية والعامة؛ والتعليم؛ والتوظُّف؛ والحرية من التعذيب والاستغلال والعنف، وكذلك حرية الحركة. وبموجب البروتوكول الاختياري يستطيع الأفراد المواطنون في الدول التي هي أطراف في البروتوكول، الذين يدَّعون انتهاك حقوقهم، ويستنفدون سبل الانتصاف الوطنية، أن يلتمسوا الإنصاف من هيئة دولية مستقلة.
جاءت الاتفاقية متأخرة جداًّ عن موعد استحقاقها. فقد مضى أكثر من 25 سنة منذ لفتت السنة الدولية للمعوقين في عام 1981 انتباه العالم للقضايا التي تؤثر في الأشخاص ذوي الإعاقة. وفي غضون هذه السنين تحركت مجتمعات كثيرةٌ، مبتعدةً عن اعتبار الأشخاص ذوي الإعاقة أشخاصاً يعتمدون على الصدقة والعطف، بالاعتراف بأن المجتمع نفسه هو الذي يسبب إعاقتهم. وقد جَسَّدَت الاتفاقية هذه التغيُّرات في المواقف، وهي تشكل خطوة هامة نحو تغيير مفهوم الإعاقة وضمان اعتراف المجتمعات بأنه يجب أن تتاح لجميع الناس الفرصةُ لتحقيق إمكانياتهم كاملةً.
وهذا ما يؤكد ضرورة تشخيص الوضعية القانونية لهذه الشريحة عالميا، ومدى توافقها مع المعايير الدولية المتمثلة أساساً في الإتفاقية الأممية لسنة 2006 ، وكذا تحديد المعيقات التي تحُول دون تعزيز هذه الحقوق، وضمان الإدماج الفعلي لهذه الفئة داخل المجتمع.
وتتجلى أهمية الموضوع في تحديد المعايير الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وفق المستجدات التي أتت بها الإتفاقية الأممية لسنة 2006، خاصة في إطار الإلتزامات الدولية. إضافة إلى رصد التطبيقات العالمية في هذا المجال، من خلال تسجيل و تقييم أهم الإنجازات و المبادرات، وخصوصاً بعد المصادقة على الإتفاقية الأممية، آخدين بعين الإعتبار التحديات التي يواجهها على مستوى الأولويات التنموية، و الإمكانيات البشرية و المادية، وكذا طبيعة و منهجية تدبير هذا الملف.
وسيتم ذلك من خلال محاولة الإجابة عن الإشكاليــــــــة الرئيســــــــــــــة التاليـــــــــــة:
مدى ملائمة القوانين الوطنية الخاصة بمجال الإعاقة مع الإتفاقية الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2006، وإنعكاس ذلك على أرض الواقع؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة :
1ـ ما هي حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة؟
2ـ ما هي إتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟
وقد إعتمدت هذه الدراسة على مجموعة من مناهج العلوم الإجتماعية ، ومنها:
المنهج الوصفي، لرصد و تحليل وضعية الأشخاص ذوي الإعاقة على المستويين الدولي و الوطني، وذلك إنطلاقا من توصيف  الوضع الراهن، وسبر مضمونه، ومن ثم حصر المؤشرات التي تمكننا من التعامل مع التساؤلات السابقة، وكذا تتبع مسار الإنجازات الخاصة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وما أحدثته من تغييرات، والعوامل المتحكمة في ذلك، إضافة إلى إعتماد المنهج المقارن من خلال المقارنة بين الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة الدولية و القوانين الوطنية المعنية بذلك لتحديد أوجه الإختلاف و التشابه بينهما، مع الإسترشاد بتقنية تحليل مضمون الوثائق و التقارير، دون أن ننسى المنهج القانوني الذي تم توظيفه في مجموعة من النصوص القانونية الدولية المتمثلة في الإتفاقية الدولية و مجموعة من الإعلانات وغيرها....
وعلى هذا الأساس سيتم تقسيم البحث إلــــــــــــى فصلين:
الفصل الأول: معايير الحماية القانونية الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة.
تمثل الصكوك القانونية الدولية ـ معاهدة أو بروتوكول أو إتفاق ـ مجمل القواعد القانونية المنظمة للعلاقات بين الدول الأطراف فيها،  وهنا يمكننا التمييز بين القواعد الملزمة و القواعد القانونية الغير ملزمة.
ففي إطار ضبط العلاقات بين الدول، وحثها على السير بمعية التوجه العام للمنظومة الدولية، قامت الأمم المتحدة ـ بإعتبارها المنظمة العالمية المسؤولة عن صياغة و إصدار مجموعة من المعاهدات و الصكوك القانونية الضامنة و المؤطرة لحقوق الأفراد داخل المجتمعات من خلال بعدين: أحدهما أخلاقي، والثاني إلزامي. و تعتبر مضامين هذه المعاهدات و الصكوك معيارا دوليا قانونيا، غايته حماية أفراد المجتمع الواحد، بمن فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة ، بإعتبارهم أفراد في المجتمع. وهذا ما أكدته كل المواثيق الدولية لعموم حقوق الإنسان، وكذا الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ، فالأمر إذن لا يقتصر على وضع قواعد قانونية ضامنة للحقوق و الواجبات فحسب، بل و بالأساس ، وضع الآليات الفاعلة و الضابطة لمراقبة مدى إلتزام الدول الأطراف بهذه القواعد.
ومنه يتضح تفرع معايير القانون الدولي المتعلقة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة إلى معايير دولية في المعاهدات العامة لعموم حقوق الإنسان، و معايير دولية محددة في المعاهدات الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، و الجدير بالذكر أن هذه الأخيرة لم تأخذ بعدها الشامل إلا قبل حوالي أربع سنوات، أي عندما صدرت الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة سنة 2006، و التي شكلت نقلة نوعية على طريق تعزيز الحقوق الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
المبحث الأول: الإتفاقية الدولية الخاصة بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة.
ما زال يُنظَرُ إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بالدرجة الأولى على أنهم أشخاص في حاجة ونَبَع قرار إضافة صكٍّ» أصحاب حقوق « إلى الرعاية الاجتماعية أو العلاج الطبي لا عالمي لحقوق الإنسان مخصص للأشخاص ذوي الإعاقة من كون هؤلاء الأشخاص، على الرغم من أن لهم الحق نظرياًّ في جميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية، ما زالوا في الواقع محرومين من هذه الحقوق والحريات الأساسية التي يأخذها معظم الناس على أنها حقائق مسلَّم بها وتضمن الاتفاقية، في أساسها، أن يتمتع الأشخاص ذوو الإعاقة بنفس حقوق الإنسان التي يتمتع بها غيرهم، وأن يتمكنوا من أن يعيشوا حياتهم كمواطنين كاملي
المواطنة، يستطيعون أن يقدموا مساهمات قَيِّمَة لمجتمعهم، إذا أتيحت لهم الفرص المتاحة لغيرهم.
المبحث الثاني: الإنضمام إلى الإتفاقية المتعلقة بحماية الأشخاص المعاقين.
الوسائل التي تدخل بها المعاهدة الدولية في التشريع الوطني تختلف باختلاف النظام البرلماني والإجراءات الوطنية، غير أن جميع الدول تحتاج في كل الحالات إلى اتخاذ عدد من الخطوات لكي تصبح أطرافاً في الاتفاقية والبروتوكول الاختياري. هذه التدابير ممارسة موحدة في القانون الدولي.
الفصل الثاني: علاقة التشريع الوطني بالاتفاقية.
من المبادئ الأساسية للقانون الدولي مبدأ يقول إن الدولة الطرف في معاهدة دولية يجب أن تضمن أن يكون قانونها الوطني وممارستها الوطنية متفقَين مع ما تتطلبه المعاهدة منها. في بعض الحالات، قد تعطي المعاهدة توجيهات عامة بشأن التدابير التي ينبغي اتخاذها. وفي حالات أخرى، تحتوي المعاهدة على شروط محددة. وتحتوي اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على كلا النوعين من الأحكام. لذلك يكون للبرلمان دور حاسم في ضمان اعتماد التدابير التشريعية التي تتطلبها اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة.
كثير من الأحكام الواردة في الاتفاقية تشبه إما في صياغتها أو في مضمونها أحكام معاهدات أخرى لحقوق الإنسان، تكون الدولة طرفاً فيها. وربما يكون من المفيد دراسة كيفية تنفيذ هذه المعاهدات بغية تقرير الخطوات اللازمة لتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
المبحث الأول: تنفيذ الإتفاقية إنطلاقا من الأحكام إلى الممارسة.
التشريع وحده لا يضمن تمكُّنَ الأشخاص ذوي الإعاقة من التمتُّع بحقوقهم. وستحتاج الدول إلى وضع سياسات وبرامج فعالة، تحوِّل أحكام الاتفاقية إلى ممارسات يكون لها أثر حقيقي على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وإن الحرمان من حق واحد للأشخاص ذوي الإعاقة، كما هو لكل الأشخاص، يمكن أن يؤدي إلى الحرمان من حقوق وفرص أخرى طيلة حياتهم. ولتوضيح هذه النقطة أبرزنا فيما يلي أدناه خمسة من أحكام الاتفاقية. والعلاقة بين التأهيل وإعادة التأهيل )المادة 26 (، وإمكانيات الوصول )المادة 9(، والتعليم )المادة24 (،والعمل )المادة 27 (، والأهلية القانونية )المادة 12 ( مشروحة بوضوح.
المبحث الثاني: إنشاء مؤسسات وطنية لتنفيذ الإتفاقية و رصدها.
لا يحتاج تنفيذ الاتفاقية إلى مجرد تشريع ملائم وسياسات ملائمة؛ وإنما يحتاج أيضاً إلى موارد مالية ومؤسسات لديها القدرة على تنفيذ هذه القوانين والسياسات ورصدها. بل إن المادة 33 من الاتفاقية تطلب من الدول الأطراف أن تنشئ آليات محددة لتعزيز تنفيذ ورصد حقوق النساء والرجال والأطفال ذوي الإعاقة على الصعيد الوطني.
خاتمة:
يتمتع الأشخاص المعاقين ذوو الإعاقة في العلم بمجموعة من الحقوق و الحريات، وفق المعايير الدولية، و القوانين الوطنية، لكن ضمان هذه الحقوق و تعزيزها لا يزال يعرف ثغرات أساسية على مستوى التطبيق، وذلك لإرتباطه بالإمكانيات البشرية و المادية للدولة، وكذا طبيعة أولوياتها التنموية، أي ذوي الإعاقة مع القوانين و الإمكانيات الوطنية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق