الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

المنهج التاريخي في العلوم الإجتماعية

يقصد بالمناهج النظرية، تلك المناهج التي تتوخى تفسير الظواهر وبيان العلاقات القائمة بشأنها، ولهذا فهي تسمى بالمناهج التفسيرية. فالمنهج النظري هو إجابة عن السؤال التالي: كيف سيحل الباحث مشكلة البحث؟ أي الطريقة التي سيعتمدها في التفسير، هل من زاوية تاريخية (المنهج التاريخي)، أم من زاوية مقارنة (المنهج المقارن)،  وظيفية (المنهج الوظيفي)...الخ.

أولا: المنهج التاريخي

يهتم التاريخ أساسا بتسجيل الماضي، وهو كما عرفه المؤرخ الانجليزي "كولنجوود" والألماني "ديلثي"، إعادة التفكير في الماضي وكتابة الأحداث التاريخية بوعي، إنه تاريخ الفكر البشري واكتشافات الباحثين والعلماء[1]. كما أن المؤرخ يسعى إلى تقديم وصف للفترة التي عاشها الإنسان على الأرض، مع محاولة ربطها في سياق زمني. و التاريخ بمعناه العام يبحث في تطور المجتمعات البشرية والظواهر الطبيعية الأخرى، كتاريخ الأرض وتاريخ الكون مثلا، وبمعناه الخاص يتناول المجتمعات الإنسانية في الماضي وما تركته وراءها من آثار ووثائق ومستندات مسجلة أو مشخصة بذاتها كالمعابد والتماثيل...[2].
v    التاريخ علم أم فن؟
أثار بعض الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية سؤالا حول الطابع العلمي للتاريخ، وبعبارة أخرى هل التاريخ علم أم فن؟ فالبعض يرى أن التاريخ ليس جديرا بأن يسمى علما، ويؤسسون دعواهم على نقطتين، الأولى هي كون المؤرخ لا يلاحظ الظواهر التي يدرسها بطريقة مباشرة، وإنما يعتمد على الطريقة التقليدية في التاريخ والتي تتلخص في السماع عن الآخرين والنقل عنهم أو الأخذ عن بعض الوثائق التي كتبها أشخاص شاهدوا هده الظواهر أو سمعوا عنها. ومن هنا وجوب الحذر والحيطة من مثل هده الطريقة والشك في كل ما تؤدي إليه من نتائج. أما النقطة الثانية فتذهب إلى أنه لا يحق لنا أن نطلق اسم العلم على أي وقائع نظرية أو أي بحث نظري، إلا إدا أمكن استخدامه في التنبؤ بالمستقبل، أي إذا ساعدنا في الكشف عن بعض العلاقات أو القوانين العامة التي يمكن تطبيقها على الظواهر مهما اختلفت زمانا ومكانا[3].
إلا أن الذين يتبنون فكرة التاريخ العلمي أي يسمون التاريخ بالعلم، يذهبون في الرد على النقطة الأولى بأن التاريخ قد أخد فعلا في التحرر من طابع الفن الذي كان يغلب عليه في العصور الماضية، وأنه أخد يقترب بعض الشيء من العلوم الاستقرائية..فالمؤرخون اليوم يحاولون الكشف عن العناصر الجوهرية في النظم السياسية والاجتماعية ليقفوا على أسباب الظواهر التاريخية فكأنهم أصبحوا أشبه بعلماء الاجتماع. ويذهب أصحاب فكرة التاريخ العلمي في ردهم على النقطة الثانية إلى وجوب التوسع بعض الشيء في مفهوم العلم ليشمل بعض البحوث النظرية التي لا يشك أحد في أنها علمية مثال ذلك علم الجيولوجيا الذي لا يدرس سوى حالات خاصة عندما يبين الأطوار التي مرت بها طبقات الأرض في مختلف العصور. فليس ثمة فارق كبير بين التاريخ وعلم الجيولوجيا، إذ يدرس الأول ماضي المجتمعات الإنسانية ويدرس الثاني ماضي الكرة الأرضية[4]. وقد كان ابن خلدون سباقا لإثارة الانتباه للمواقف المتباينة حول طبيعة التاريخ هل هو علم أم فن، حيث ذهب إلى أنه فن في نظر العامة وعلم من وجهة نظر الخاصة[5].
وهكذا، فبالرغم من الفوارق بين التاريخ الذي يدرس الأحداث بعد وقوعها وبالتالي لا تقع مباشرة تحت الملاحظة وبين الدراسات التجريبية التي تتناول الظواهر وقت حدوثها من خلال الملاحظة والتجربة للوصول إلى القوانين العامة، فإن حدة هذه الفوارق تراجعت بعد أن تجاوز المؤرخون مرحلة الوصف والسرد للاهتمام بالكشف عن العلاقات السببية القائمة بين الوقائع  من خلال جمع الوثائق وتحليلها، ووضع بعض الفروض التي يمكن التأكد من صدقها بالوقائع  التاريخية، ومن هنا اعتبر البعض أن التاريخ ليس بعلم تجربة واختبار، ولكنه علم نقد وتحقيق.

v    المنهج التاريخي في العلوم الاجتماعية

يقصد باستخدام المنهج التاريخي في البحوث الاجتماعية الوصول إلى المبادئ والقوانين العامة عن طريق البحث في أحداث التاريخ الماضية وتحليل الحقائق المتعلقة بالمشكلات الإنسانية والقوى الاجتماعية التي شكلت الحاضر. ونحن برجوعنا إلى التاريخ لا نحاول تأكيد الحوادث الفردية، ولا نهدف إلى تصوير الأحداث والشخصيات الماضية بصورة تبعث فيها الحياة من جديد، وإنما نحاول تحديد الظروف التي أحاطت بجماعة من الجماعات أو ظاهرة من الظواهر مند نشأتها لمعرفة طبيعتها وما تخضع له من قوانين[6]. فالعودة إلى الماضي هو ما يميز المنهج التاريخي عن غيره من مناهج العلوم الاجتماعية، فهو منهج غير مباشر، لأنه يعتمد على المصادر المتعلقة بالظاهرة أو الحدث وليس بمعايشة الظاهرة نفسها[7].
وقد حاولت "بولين يونج" أن توضح أهمية المنهج التاريخي في البحث الاجتماعي بقولها:« إننا في البحث الاجتماعي نتعقب  التطور التاريخي لكي نعيد بناء العمليات الاجتماعية، ونربط الحاضر بالماضي، ونفهم القوى الاجتماعية الأولى التي شكلت الحاضر بقصد الوصول إلى فهم يمكن أن يساعد في صياغة المبادئ أو القوانين الاجتماعية الخاصة بالسلوك الإنساني للأشخاص، أو الجماعات، أو النظم ولكي يمكن وصف عمليات الحياة الاجتماعية». وبذلك، فإن أهمية التاريخ في البحث الاجتماعي من وجهة نظر بولين يونج تتلخص في النقط التالية[8] :
- كون التاريخ من عناصر التجديد والقوة في البناء الاجتماعي، لأن الجانب الأكبر من الحياة متغير ومتطور؛ وعن طريق دراستنا للماضي يمكن أن يسير الحاضر سيرا سويا ويمكن إعادة تنظيم العمليات الاجتماعية المختلفة؛
- إن هناك علاقة سببية بين الماضي والحاضر؛ فالحياة الماضية لأي جماعة ولنظمها الاجتماعية تقف في  علاقة سببية مع الحياة الراهنة للجماعة ونظمها الاجتماعية، بمعنى أن الماضي هو مفتاح الحاضر؛
- تساعد دراسة التاريخ على الاستقراء العلمي وصياغة القوانين الاجتماعية التي هي نتاج تفاعل العلاقات الإنسانية من جانب، ومحصلة القوى الاجتماعية الصادرة عن الهيئات والجماعات والنظم القائمة بالبيئة من جانب آخر؛
- كما أن دراسة التاريخ تمكن الباحث الاجتماعي من الوصف التصويري بعد الفحص الدقيق للوثائق التاريخية التي فسرت حوادث الماضي. و الباحث الناجح هو الذي يمكنه أن لا ينتقل بعيدا جدا عن المسرح التاريخي للحدث عندما يدرس أحداث الحاضر؛
- تساعد دراسة التاريخ في الوقوف على العوامل المؤثرة في المشكلات الاجتماعية الراهنة؛ وإيجاد أساس صحيح للتخطيط الاجتماعي والإصلاح الاجتماعي عن طريق التعرف على المصادر الحقيقية للمشكلة ودرجة التأثير التي كانت تحدثه على ظروف حياة الجماعة؛ ووسائل وطرق التحكم في هده المصادر والمؤثرات.
وانطلاقا من هذه المقومات، تم اعتبار المنهج التاريخي منهجا علميا طالما أنه يسعى لاكتشاف الأدلة و نقدها والربط بينهما، بغية الوصول إلى استنتاجات تتعلق بأحداث ماضية، أو بعبارة أخرى رصد نقدي لأحداث  الماضي  بهدف الكشف عن العلاقات السببية التي توجد بينها لتفسيرها وتعليلها.

v    رواد المنهج التاريخي

يعود الفضل في إبراز أهمية المنهج التاريخي إلى عدد من المفكرين الاجتماعيين الذين طالبوا باستخدام هذا المنهج في البحوث الاجتماعية منهم بالأساس العالم العربي "ابن خلدون" والفيلسوف الايطالي "جيوفاني باتيستا فيكو" والفيلسوف الفرنسي "سان سيمون" وكذا "أوجست كونت".

* ابن خلدون..
يرجع الفضل إلى المؤرخ العربي ابن خلدون في وضع أصول التاريخ الاجتماعي، حيث عرف التاريخ تعريفا اجتماعيا بقوله: «إن التاريخ يهدف إلى إفهامنا الحالة الاجتماعية للإنسان، أعني الحضارة، ويهدف كذلك إلى أن يعلمنا الظواهر التي ترتبط بهذه الحضارة وإلى معرفة الحياة البدائية وتهذيب الأخلاق وروح الأسرة والقبيلة وتباعد وجهات النظر في أن سمو شعوب على شعوب أخرى يؤدي إلى نشأة إمبراطوريات وأسر حاكمة وفوارق الطبقات والمصالح التي يكرس لها الناس أعمالهم ومجهوداتهم مثل المهن المربحة والصناعات التي تعين على الكسب والعلوم والفنون، وأخيرا جميع التغييرات التي تحدثها طبيعة الأشياء في سلوك المجتمع. وسوف يهتم علم العمران البشري بدراسة التاريخ الاجتماعي على هذا النحو»[9].
ومنهج الدراسة الاجتماعية للتاريخ عند ابن خلدون منهج ديناميكي بالضرورة يسير مع حركة التاريخ ويستوعب تطور الحياة الاجتماعية وانتقالها من حالة إلى أخرى. فثمة مراحل يمر بها العمران البشري عند ابن خلدون من مرحلة " البداوة" حيث خشونة العيش واقتصاره على الضروريات وحدها ووجود العصبيات إلى مرحلة "الملك" حيث تحول المجتمع من البداوة إلى الحضارة، فيتحول العيش من الضروريات إلى الترف، ونوع من تركيز السلطة وانفراد الواحد بالمجد دون سائر الباقين من أفراد المجتمع، فمرحلة الترف والنعيم أو الحضارة ينسى فيها الأفراد خشونة العيش السابقة، ويفقدون العصبيات، ويؤدي بهم الترف إلى الضعف وانهيار الدولة وزوالها أو الانتقال إلى مرحلة رابعة هي حالة الاضمحلال، فالمجتمع عنده يشبه الفرد ينتقل بين مراحل ولادته إلى وفاته[10].
وقد اعتمد ابن خلدون في بحوثه على ملاحظة ظواهر الاجتماع في الشعوب التي أتيح له الاحتكاك بها والحياة بين أهلها، وعلى تعقب هذه الظواهر في تاريخ هذه الشعوب نفسها في العصور السابقة لعصره، وتعقب أشباهها ونظائرها في تاريخ شعوب أخرى لم يتح له الاحتكاك بها ولا الحياة بين أهلها، والموازنة بين هذه الظواهر جميعا..والعلاقات التي تربط بعضها ببعض، والعلاقات التي تربطها بما عداها من الظواهر، وعوامل تطورها واختلافها باختلاف الأمم والعصور، ثم الانتهاء من هذه الأمور جميعا إلى استخلاص ما تخضع له هذه الظواهر في مختلف شؤونها من قوانين[11].
 كما اعتبر ابن خلدون أن المنزلق الذي يقع فيه المؤرخون والذي يضعف الروايات التاريخية، وبالتالي المنهج التاريخي في تحليل الخبر، هو الخطأ والزيف والكذب. فبعض هذه الروايات صحيح حدث فعلا، وبعضها زائف لم يقع أصلا، وبعضها يستحيل حدوثه لأنه لا يتفق مع طبائع الأشياء. لذا نصح ابن خلدون بعدم الثقة بالناقلين ثقة مطلقة وبتحري الدقة عند الرجوع إلى المصادر التاريخية، ونادى بتحقيق الوقائع وتمحيصها قبل الأخذ بها[12].

* فيكو ..

تمثل الإسهام الذي جاء به الايطالي "فيكو" (1668ـ1744) في إضفائه  بعدا شاملا على التاريخ من خلال مؤلفه عن "العلم الجديد"، فلم يعد يقتصر مجال اهتمام التاريخ على الحروب والمعاهدات والتحالفات السياسية، بل امتد إلى دراسة العادات والقوانين والأنظمة الاقتصادية والاجتماعية واللغة والفنون والديانات...حيث كان له تأثير كبير على معظم مفكري القرن 19، مستندين على القاعدة العامة التي وضعها كنقطة انطلاق في تحليلاتهم التاريخية والتي مفادها «أن الناس يصنعون تاريخهم الخاص بهم».
والفكرة الرئيسية التي يتضمنها مفهوم التاريخ الاجتماعي عند "فيكو" هي نظرية التطور ذي المراحل الثلاث. وتشمل هذه المراحل تطور البشرية والحضارة من المرحلة الدينية بانتشار وسيطرة التفكير الديني واللاهوتي إلى مرحلة البطولة وهو عهد يسيطر فيه أصحاب القدرات والإمكانيات العقلية الذين يرفعهم الناس إلى أعلى المراتب ويخضعون لحكمهم وسيادتهم (سيادة حكم العقل على حكم الإيمان)، ثم مرحلة الإنسانية وهي عهد الحرية والحقوق المدنية والسياسة، ولهذا تصبح الحكومة في هذا العهد حكومة ديمقراطية. ويعتقد "فيكو" أن هذه الحالات الثلاث تتعاقب بشكل دوري منتظم بحيث إن الحالة الأخيرة تمهد لظهور الحالة الأولى.. وتعاقب هذه الحالات أو الدورات يمثل في رأيه قانونا عاما تخضع له حوادث التاريخ عند سائر الأمم وعلى الأخص الأمم الأوربية[13].
ودعا فيكو في كتابه إلى استنباط النظريات الاجتماعية من الحقائق التاريخية، محددا القواعد الأساسية لهذا المنهج التاريخي فيما يلي[14]:
- تحديد الظاهرة المراد دراستها، والعمل على تعقبها خلال العصور التاريخية المختلفة للوقوف على تطورها وما تخضع له من قوانين؛
- جمع الوثائق المتعلقة بالعقائد الدينية والتقاليد والعادات الاجتماعية والحوادث التاريخية ذات الصلة بالظاهرة؛
- إذا تعذر على الباحث أن يقف على أحوال الشعوب القديمة وأساليب حياتهم ومستوياتها، فإنه من الممكن الرجوع إلى الأقوام المعاصرة التي تعيش في نفس المستوى الذي كانت تعيش فيه الشعوب التي يدرسها والاستدلال بما هو معروف عما هو مجهول؛
- القيام بتحليل المصادر ونقدها للتأكد من صحتها؛
- الاعتماد على علم دراسة اللغات للتأكد من صحة الوقائع التي يذكرها المؤرخون؛
- القيام بتصنيف الحقائق والتأليف بينها للوصول إلى معرفة القوانين التي تحكم الظاهرة موضوع الدراسة.

* سان سيمون..

يرجع إلى الفيلسوف الفرنسي "سان سيمون" (1760ـ1825) فضل الربط بين المنهج التاريخي والمنهج العلمي في البحث، فهو الذي عرف التاريخ بأنه الحالة الاجتماعية للشعوب. فلا يتيسر الوقوف على التاريخ الحقيقي إلا إذا أمكن ملاحظة تطور الحضارة ملاحظة علمية[15]. كما آمن "سان سيمون" بفكرة التقدم، وبأن الصراع من مستلزمات التقدم. وفي رأيه أننا لا نستطيع تفسير التطور المستمر للظواهر الاجتماعية المختلفة إلا إذا عرفنا تاريخ التطور الذي مر به العقل الإنساني بوجه عام وتاريخ العلوم بوجه خاص. وهذا التطور مر في مراحل ثلاثة هي.. المرحلة الدينية، ومرحلة وسط بين الدين والواقعية، ثم مرحلة الواقعية. ومعنى دلك أن يقوم الباحث بالربط بين الظاهرة التي يدرسها وبين الطابع الذي يميز كل عصر من العصور[16].
ولهذا، فإن المنهج التاريخي عند "سان سيمون" يعتمد على:
-  الوثائق المحفوظة والسجلات الرسمية؛
-  المظاهر التي تتخذها العلوم في تطورها؛ فالتاريخ الحقيقي الذي يجب أن يعنى به الباحث  هو تاريخ العلوم؛
- الملاحظة التأملية للماضي، ويمكن الاستعانة في ذلك بالفنون والحرف والصناعات في تطورها؛
- الصفات السائدة التي تطبع كل من المراحل الثلاث، وهي المرحلة الدينية ثم المرحلة الوسطى بين الدين والواقعية والمرحلة الأخيرة التي ظهرت مند القرن التاسع عشر وهي مرحلة الواقعية العلمية؛
-  التنبؤ العلمي الذي يقوم على الملاحظة والاستقراء.

* أوجست كونت..

يهدف "كونت" (1798ـ1857) من وراء استخدام المنهج التاريخي الوصول إلى قوانين عامة تحكم الظواهر الاجتماعية في نموها وتطورها.. فجميع الظواهر تتطور في وقت واحد، ويؤثر بعضها في البعض الآخر. ولا نستطيع تفسير التطور المستمر لإحدى هذه الظواهر دون أن تكون لدينا فكرة عامة عن تقدم الإنسانية جمعاء. ولتفسير سير التقدم، وضع "كونت" قانون المراحل أو الحالات الثلاث[17].. الحالة الأولى أطلق عليها اسم الحالة الدينية أو الخيالية، والحالة الثانية هي الحالة الميتافيزيقية أو المجردة، وأخيرا الحالة العلمية أو الوضعية. وهذه الحالات الثلاث هي وسائل للتفسير والربط للظواهر المختلفة.
وقد طالب "كونت" بأن يقوم الباحث بملاحظة الظواهر المختلفة والربط بينها، ثم يشرع بعد ذلك في تقسيم طوائف الظواهر التي قام بملاحظتها، وتحديد الفترات والعصور التاريخية تحديدا دقيقا ليسهل عليه معرفة الاتجاهات العامة لكل مظهر من مظاهر التطور كالتطور السياسي أو الديني أو الاقتصادي، والوصول إلى القوانين الخاصة بكل مظهر من هذه المظاهر.

v    خطوات المنهج التاريخي

يتطلب تطبيق المنهج التاريخي المرور بمجموعة من الخطوات، تبدأ باختيار موضوع البحث أي المشكلة البحثية وتحديدها وصياغة الفروض بشأنها، ثم جمع الحقائق والمعلومات المتوافرة من مصادرها ونقد هذه الحقائق وتصنيفها ومحاولة الربط بينها، لتنتهي هذه المراحل بعرض النتائج التي توصل إليها الباحث.

1- تحديد مشكلة البحث
يشترط  في الظاهرة التي يختارها الباحث أن تكون ممتدة عبر التاريخ، لها صفة الاستمرارية والدوام النسبي، بحيث يمكن تعقبها وتتبع مراحل التطور التي مرت بها والآثار المترتبة عليها ( نظام الزواج وما يخضع له من تغير خلال العصور، تطور وسائل الإنتاج وصلتها بالعلاقات والأنظمة الاجتماعية في المجتمعات المختلفة)، كما يراعى عند اختيار المشكلة الأهمية العلمية لهذه الأخيرة ومران الباحث على المنهج التاريخي وطريقة استخدامه، وتوفر الوثائق المتعلقة بالمشكلة، وجدة الموضوع مع مراعاة الزمن المخصص للبحث[18].



2- صياغة الفروض
يقصد بصياغة الفروض في المنهج التاريخي أن يقوم الباحث بصياغة النتائج المتوقعة من بحثه بشكل أولي، ثم يقوم باختبار هذه التوقعات في ضوء تطور دراسته، حتى يصل إلى قبول أو رفض هذه الفروض أو تعديلها، بحيث تصبح صياغته في شكل محقق تدعمه الأدلة وجديرة بالاعتماد عليها والثقة فيها. وتوفر الفروض، في إطار المنهج التاريخي كما في غيره من مناهج البحث المختلفة، توجيها يرشد الباحث، وتيسر عليه استخلاص وتجميع البيانات وتمكنه من إعادة تركيبها وإيجاد علاقات محددة بينها، وقد توجهه إلى تكوين رؤية جديدة لفهم الموضوع الذي يبحثه[19].
ويؤكد "فان دالين" أهمية الفروض في البحث التاريخي بقوله «إن الحقائق المنعزلة ليس لها معنى، لذلك لا يكتفي الباحثون بمجرد تجميع المعلومات أو وصفها وتصنيفها وفقا لخصائصها الظاهرية، إنما يقومون بصياغة فروض مبدئية تفسر وقوع الأحداث والأحوال، لكي يكون لأعمالهم قيمة. ويبحثون عن العلاقات الخفية، أو الأنماط الكامنة، أو المبادئ العامة، التي تفسر أو تصف الظاهرات التي يدرسونها، وبعد تكوين الفروض يبحثون عن الأدلة التي تؤيدها أو تنفيها»[20].
3- حصر مصادر البحث التاريخي
بمجرد أن يستقر رأي الباحث على موضوع من موضوعات البحوث التاريخية، يكون عليه المرور إلى مرحلة يتوقف عليها استمرارية البحث، ويتعلق الأمر بتحديد المصادر التي ستساعده على تجميع المعلومات الخاصة بموضوع البحث والتي من خلالها يمكن الإجابة على أسئلة البحث واختبار فروضه. وتنقسم المصادر التاريخية إلى نوعين: المصادر الأولية والمصادر الثانوية.
·               المصادر الأولية: وتسمى أحيانا المصادر الأساسية أو الأصلية، وهي المصادر الأولى للمعلومة. وبتعريف آخر، فهي تلك المصادر التي لم تعتمد في نقلها للمعلومة على مصادر أخرى سبقتها، وإنما هي أول مصدر أورد المعلومة. وتشمل المصادر الأولية عدة  أنواع وهي[21]:
- الوثائق التي حفظت وكتبت من قبل شخص مشارك في وقائعها، أو على الأقل مشاهد لها. وأعدت أساسا بغرض تهيئة المعلومات التي تحتويها للاستفادة منها والرجوع إليها مستقبلا (الدساتير، القوانين، القرارات، المحاضر الرسمية للاجتماعات، الرسائل الشخصية، اليوميات، العقود، الشهادات، الخرائط، الصحف، المجلات، التسجيلات، الإحصاءات الرسمية...)؛
- الحفريات أو الآثار المرتبطة بشخص معين، أو مجموعة من الناس أو فترة زمنية محددة ( الأدوات، الأثاث، المباني، الملابس، العملة...).
- الأدلة الشفهية من مشارك فيها، أو مشاهد لها. وهذه يمكن الحصول عليها بواسطة المقابلة الشخصية لمن شارك في الظاهرة المدروسة أو شاهدها.
·               المصادر الثانوية: وهي التي تنقل عن المصادر الأولية كما هو الحال عندما نجد معلومات مصلحة الإحصاء مثلا منقولة في المجلات العلمية أو في كتب المؤلفين الذين يكونون قد استفادوا من هذه المعلومات أو عرضوا لها بطريق أو بآخر. وتفضل المصادر الأولية غالبا على  المصادر الثانوية لأن هذه الأخيرة قد تحتوي على أخطاء نتيجة النقل عن المصادر الأولية. وفي أحيان قليلة تفضل المصادر الثانوية على المصادر الأولية، وذلك حينما تكون المعلومات المنشورة في المصادر الأولية معروضة بصورة بدائية ثم يقوم بعض الأخصائيين بتبويبها ونشرها في صورة أكثر إفادة للباحثين. وفي هذه الحالة يجب التأكد من مدى كفاية القائمين بهذا العمل قبل تفضيل المصادر الثانوية على المصادر الأولية[22].

4- نقد مصادر البحث التاريخي (التحليل التاريخي)
الباحث مدعو للحذر في استخدام المعلومات التي يعتمد عليها في بحثه التاريخي على اعتبار أنها لا تخضع للملاحظة بشكل مباشر. فبما أنها تشكل المادة الأساسية لإنجاز هذا البحث، عليه الحرص من محاولات تشويه هذه المعلومات وتوظيفها بما يسيء إلى مضمونها والحقائق التي تنطوي عليها.
وحتى ترقى المعلومات التي يحصل عليها الباحث من المصادر المختلفة لمستوى الأدلة التاريخية الكفيلة بتمكينه من اختبار الفروض و الإجابة بالتالي على أسئلة البحث، تقتضي الخطوات الإجرائية للبحث التاريخي العمل على تحليل وتقييم هذه المعلومات، وهو ما يسمى بالنقد التاريخي في بعديه الخارجي والداخلي.

·                      النقد الخارجي: يهدف هدا النوع من النقد التاريخي الوقوف على صدق النص التاريخي من الناحية الشكلية وليس من ناحية الموضوع، بمعنى  أن اهتمام الباحث ينصب بالأساس على التأكد من صدق الوثيقة أو الوثائق التي يستند عليها في بحثه (نقد الوثيقة أو الوثائق) من حيث المعلومات التي تشتمل عليها. فقد تكون الوثيقة التي حصل عليها الباحث صحيحة وأصلية، كما قد تكون في أحيان كثيرة موضوعا لإضافات في حالة نسخها بدواعي تصحيح النص أو توضيح مضامينه، مع ما يمكن أن يعتري هذه العملية من أخطاء غير مقصودة. ومن غير المستبعد أن يتم في حالات كثيرة تحريف مضامين الوثيقة وتزييفها، فيكون على الباحث ضرورة الحرص على المقارنة بين الوثائق وتمحيص ما تشتمل عليه من معلومات حتى يتمكن من التمييز بين الصحيح والمزيف منها.
ولا يكتفي الباحث خلال التحليل الخارجي بالتأكد من صحة الوثيقة فقط، بل يعمد أيضا إلى التحقق من شخصية صاحبها والمكان والزمان اللذين كتبت فيهما. ويمكن للباحث عند إجرائه للنقد الخارجي أن يسترشد بمجموعة من الأسئلة وهي[23]:
- هل لغة الوثيقة وأسلوب كتابتها والخط الذي كتبت به ( أو طباعتها) مطابقة تماما لغيرها من أعمال المؤلف والفترة التي كتبت فيها الوثيقة؟
- هل تجاهل الكاتب أشياء لا يعقل أن يتجاهلها الذين في مستواه، أو الذين عاشوا في وقته؟
- هل كتب مؤلف الوثيقة عن أشياء لا يعقل أن يعرفها الذين عاشوا في الفترة التي كتبت فيها الوثيقة؟
- هل غير إنسان ما في المخطوط، عن عمد أو عن غير عمد، وذلك بنسخه بغير دقة، أو الإضافة إليه، أو حذف فقرات منه؟
- هل المصدر هو النسخة الأصلية للكتاب، أم نسخة منقولة عنها؟ وإذا كانت منقولة، فهل تطابق الأصل؟
- إذا كان المخطوط غير مؤرخ، أو كان المؤلف مجهولا، فهل توجد في الوثيقة دلائل داخلية قد تكشف عن أصولها؟

·               النقد الداخلي: ينتقل الباحث خلال هده المرحلة إلى تقييم مضمون الوثيقة التي يعتمد عليها وذلك من حيث دقة المعلومات الواردة فيها، أي صدق النص التاريخي من حيث الموضوع. والنقد الداخلي نوعان إيجابي وسلبي.
فالنقد الداخلي الايجابي يقصد به فهم المعنى الحقيقي الذي ترمي إليه ألفاظ وعبارات الوثيقة. ولذا، لا بد للباحث من قراءة النص عدة مرات قراءة واعية حتى يستطيع أن يحدد المعنى الذي يرمي إليه صاحب الوثيقة. ويتطلب ذلك من الباحث أن يكون عليما باللغة وأساليبها خاصة بالنسبة للوثائق القديمة. أما النقد الداخلي السلبي، فيفيد في معرفة الظروف التي وجد فيها كاتب الوثيقة حين سجل ملاحظاته، وهل قصد إلى تشويه الحقائق أو لم يقصد؟. وللقيام بعملية النقد الداخلي السلبي، ينبغي على الباحث أن يتشكك في صحة الروايات التاريخية حتى تثبت له صحتها، وألا يأخذ الوثيقة ككل، بل ينبغي عليه أن يحللها جزءا جزءا[24].
ويمكن للباحث عند قيامه بالنقد الداخلي أن يهتدي بالأسئلة التالية[25]:
- ما الذي يعنيه الكاتب بعبارة معينة بالذات؟ وما هو معناها الحقيقي المتميز عن المعنى اللفظي لها؟
- هل يهتم الكاتب بخداع القارئ؟
- وهل كان يقع تحت ضغط التزييف؟
- هل كان متأثرا باتجاه معين أو متعاطفا مع تيار فكري أو حركة سياسية؟
- هل وقع الكاتب تحت تأثير الغرور؟
- هل تأثر بالرأي العام؟
- هل كان الكاتب ملاحظا محدود القدرات نتيجة لضعف إمكانياته الفكرية؟
- هل الكاتب لم يستطع أن يختار الوقت والمكان المناسبين للملاحظة؟
- هل كان غير مكترث تماما بالأحداث؟
- هل الحقائق التي يتناولها من طبيعة يصعب ملاحظتها؟

5- تصنيف المعلومات التاريخية والربط بينها (التركيب التاريخي)
تنتهي عملية النقد لاسيما في شقها الداخلي إلى تأكيد العديد من المعلومات والحقائق التاريخية الجزئية التي تتضمنها الوثائق دون ترتيب، مما يفرض على الباحث الانتقال إلى مرحلة التركيب التاريخي بالعمل على تصنيف هذه المعلومات والربط بينها في كل متكامل ومتجانس حتى يتسنى له وصف الظاهرة المدروسة وصفا دقيقا، واستخلاص النتائج التي سيوظفها في اختبار الفرض أو الفروض المرتبطة بموضوع البحث.
فللاستفادة من الحقائق الاجتماعية التي يتوصل إليها الباحث، تصنف هذه الحقائق عادة على أساس المكان أو الزمان أو كليهما حتى يمكن الكشف عن الاتجاهات العامة للظاهرة موضوع الدراسة، ومعرفة العوامل والظروف التي خضعت لها في تطورها وانتقالها من حال إلى حال. ولكي يكتمل التركيب التاريخي، لا بد من دراسة العلاقات القائمة بين الظاهرة موضوع الدراسة وما يتصل بها من ظواهر، والوقوف على الآثار المتبادلة التي تنتج من تفاعل هذه العلاقات، ولا بد كذلك من تعليل النتائج وتفسيرها في ضوء الحقائق الموضوعية التي توصل إليها الباحث[26].

6- عرض النتائج
تخضع هده الخطوة من خطوات المنهج التاريخي لنفس مقومات مناهج البحث الأخرى. فالباحث مطالب، بعد الانتهاء من استخلاص المعلومات التاريخية والتحقق منها والكشف عن العلاقات القائمة بينها وتعليل النتائج وتفسيرها، بأن يعكس هذا المجهود عند كتابة البحث عن طريق عرض النتائج بصورة موضوعية ودقيقة، مشيرا إلى نوعية المراجع المعتمدة ويرتبها بطريقة واضحة تسمح بالتمييز بين المصادر الأولية والمصادر الثانوية، وكيفية الحصول عليها. كما يتعين عليه أيضا العناية بأسلوب التحرير إلى غير ذلك من مقومات كتابة تقرير البحث.

v    نقد المنهج التاريخي

لم يسلم المنهج التاريخي من انتقادات حاولت المس بعلميته يمكن تلخيصها في كون هذا الأخير لا يمكن من رصد سوى جزء من الحقيقة وليس الحقيقة في كليتها، ذلك أن كل المتدخلين في نقل وقائع الماضي لم يتذكروا ولم يسجلوا  إلا جزءا منها، وبالتالي، فإن محاولة تفسير هذه الوقائع واستخلاص نتائج منها لن تخرج عن هذا الطابع التجزيئي. تنضاف إلى ذلك انتقادات أخرى من قبيل التحيز والتفسير الذاتي للمعلومة التاريخية، وغياب مقياس علمي للتأكد من صدق الأدلة التاريخية (التحليل الكيفي).
ومع ذلك، فإن هذه الانتقادات ليست خاصة بالمنهج التاريخي وحده، بل تهم معظم مناهج البحث. فالمناهج التي تعتمد على التجريب أو الملاحظة أو التحليل الكمي عرضة أيضا لتحيز الباحث ولهذا أصبح معيار العلمية في مناهج البحث التي تدرس الظاهرة الإنسانية ليس مقصورا على التجربة أو الملاحظة وحدهما وإنما على تحري الدقة وإبراز الأدلة، واتباع المنهج العلمي بخطواته المختلفة التي تشتمل على تحديد دقيق للمشكلة، وتوضيح كامل لماهيتها، ومن ثم جمع المعلومات عنها، متوخيا في ذلك البحث عن أصدق المصادر تأليفا ومحتوى، وأخيرا المحاولة الجادة للابتعاد عن التحيز في التحليل، وفي استنتاج الأدلة والبراهين[27].













المؤلفات:
ـ رشوان حسين عبد الحميد أحمد، العلم والبحث العلمي، دراسة في مناهج العلوم، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 1992.
ـ القصبي عبد الغفار رشاد، مناهج البحث في علم السياسة، مكتبة الآداب، القاهرة، 2004.
ـ غريب محمد سيد أحمد، تصميم وتنفيذ البحث الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1989.
ـ حسن عبد الباسط محمد، أصول البحث الاجتماعي، مكتبة وهبة، القاهرة، 1988.
ـ أبراش ابراهيم، المنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم الاجتماعية، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، 1999.
ـ محمد طلعت عيسى، تصميم وتنفيذ البحوث الاجتماعية، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1971.
ـ العساف صالح بن حمد، المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، العبيكان للطباعة والنشر، الرياض، ،1995.




[1] - رشوان حسين عبد الحميد أحمد، العلم والبحث العلمي، دراسة في مناهج العلوم، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 1992، ص. 141.
[2] - القصبي عبد الغفار رشاد، مناهج البحث في علم السياسة، مكتبة الآداب، القاهرة، 2004، ص 227.
[3] - غريب محمد سيد أحمد، تصميم وتنفيذ البحث الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1989، ص 101-102.
[4] - محمد علي محمد، مرجع سابق، ص. 111- 112.
[5] - يقول ابن خلدون بهدا الشأن: « إذ هو في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق. فهو لدلك أصيل في الحكمة، عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق».
[6] - حسن عبد الباسط محمد، أصول البحث الاجتماعي، مكتبة وهبة، القاهرة، 1988، ص 268.
[7] - أبراش ابراهيم، المنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم الاجتماعية، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، 1999، ص. 143.
[8] - محمد طلعت عيسى، تصميم وتنفيذ البحوث الاجتماعية، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة، 1971، ص. 247-248.
[9] - محمد علي محمد، مرجع سابق، .ص 126- 127.
[10] - القصبي عبد الغفار رشاد، مرجع سابق، ص. 228.
[11] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص. 269-270.
[12] - نفس المرجع السابق، ص. 270.
[13] - محمد علي محمد، مرجع سابق، ص. 128- 129.
[14] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص. 270-271.
[15] - طلعت عيسى، مرجع سابق، ص. 236.
[16] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص.271.
[17] - نفس المرجع السابق، ص، 272.
[18] - نفس المرجع السابق، ص.273.
[19] - القصبي عبد الغفار رشاد، مرجع سابق، ص. 231-232.
[20] - العساف صالح بن حمد، المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، العبيكان للطباعة والنشر، الرياض، ،1995، ص.284-285.
[21] - نفس المرجع السابق، ص. 287-288.
[22] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص. 274.
[23] - العساف صالح بن حمد، مرجع سابق، ص.291.
[24] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص. 278.
[25] - محمد علي محمد، مرجع سابق، ص. 151-152.
[26] - حسن عبد الباسط محمد، مرجع سابق، ص. 280.
[27] - العساف صالح بن حمد، مرجع سابق، ص. 297.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق