الاثنين، 4 مايو 2015

نظرية نهاية التاريخ و الانسان الاخير


المبحث الأول : نهاية التاريخ و الأطروحات المؤسسة لها
على الرغم من أن فوكوياما يؤسس نظريته على ضوء اطروحة مفادها أن التاريخ كحركة تطورية مترابطة منطقيا ينتهي بظهور هذه الديمقراطية الليبرالية (مطلب أول) فان الأطروحة في حقيقة الأمر هي محصلة نهائية لعدد من الأطروحات المترابطة   (مطلب ثاني)[1].
المطلب اللأول : مضمون نظرية نهاية التاريخ
إن فكرة نهاية التاريخ لفوكوياما بسيطة الى حد السذاجة، فالديمقراطية الغربية الحرة انتصرة في فترة الحرب الباردة وانتصرالغرب معها،ولن يعود الأن أمام الأمريكيين والأوربيين ما ينتظرونه من جديد،فلقد حدث هذا الجديد بانهيار الماركسية وتفكك الاتحاد السوفيتي واعتماد الديكتاتوريات العقائدية السابقة و أغلب دول اوربا الشرقية للنظام الحر، وحسب فوكوياما فهناك توافق مدهش في السنوات الأخيرة يتعلق بالديمقراطية الليبرالية كنظام حكم، و التي أثبتت أن بإمكانها أن تشكل منتهى التطور الاديولوجي للإنسانية والشكل النهائي لأي حكم إنساني، أي أنها من هذه الزاوية "نهاية التاريخ"[2].
وليس معنى هذا أن الديمقراطيات الراسخة المعرفة في زمننا كالولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو غيرهالا تعرف الظلم أو المشاكل الإجتماعية الخطيرة، غير أن هذه المشكلات في ظن فوكوياما هي وليدة قصور في تطبيق المبدأين ألتوءمي:الحرية و المساواة، اللذين قامت الديمقراطية الحديثة على أساسهما .
ولا تتعلق نظرية نهاية التاريخ عند فوكوياما بالتمظهر السياسي المختزل في الديمقراطية الليبرالية كنظام للحكم فحسب، بل يؤكد أن الليبرالية الإقتصادية هي النظام الإقتصادي الذي سيسود في نهاية التاريخ أيضا، وهذا ما يؤكده إنتشار ونجاح المبادئ الليبرالية في الإقتصاد -أي السوق الحرة- في خلق مستويات عليا من الرخاء المادي و التي لم نعهدها من قبل، وهو الذي يعني أن الذي خرج ظافرا ليست الممارسة الليبرالية بقدر ما كان الظفر للفكرة الليبرالية ذاتها.[3] 
ويرى فوكوياما أنه إذا كان التهديد الإديولوجيى الذي وجهته الشيوعية ذات مرة للديمقراطية الحرة قد انتهى مع انسحاب الجيش الأحمر من اوروبا الشرقية، فإن الدولة التي ستسود في نهاية التاريخ هي الدولة الليبرالي، لكون هذه الأخيرة تتسم بالعقلانية و القدرة على تحقيق المصالحة بين المطالبات المتنافسة بالإعتراف و ذلك بالإعتماد على الأساس الوحيد المقبول من الجميع والذي هوهوية الفرد باعتباره كائنا بشريا، كما أنها توفر الإعتراف لجميع المواطنين باعتبارهم بشرا لا باعتبارهم أعضاء في جماعة عرقية أو جنسية او غيرها، الشيئ الذي يخلق مجتمعا لا طبقات فيه يقوم على أساس إلغاء الفوارق بين السادة والعبيد، واستنادا إلى جعله نقطة نهاية التاريخا نقطة محورية سوف تحكم بالضرورة النسق المستقبلي للمجتمع العالمي، و نظرا لأن سياسة القوة وفق فوكوياما هي التي لا تزال السائدة بين الدول التي التي تأخذ بالديمقراطية الليبرالية،إظافة إلى إلى التأخر النسبي في وصول التصنيع و القومية إلى إلى العالم الثالث، سيؤدي قطعا إلى اختلاف تام بين سلوك الكثير من دول العالم الثالث من جهة وبين سلوك الدول الصناعية من جهة اخرى، وبالتالي فهو يجزم بأن العالم في المستقبل سينقسم إلى قسمين متافوتين قسم تخطى التاريخ و قسم آخر لا يزال غارقا في التاريخ.
وإذا كانت نظرية نهاية التاريخ عند فوكوياما قد تأسسة على اعتبار أن الديمقراطية الليبرالية هي الأفق الأسمى للتاريخ الإنساني، فإنها في الحقيقة جاءت كنتيجة لمجموعة من الأطروحات[4].
المطلب الثاني : اللأطروحات المؤسسة لنهاية التاريخ
إن نظرية نهاية التاريخ جاءت كمحصلة نهائية لمجموعة من الأطروحات المترابطة فيما بينها نذكر منها :
         • غائية التاريخ : إذ أن فوكوياما يؤمن بأن التاريخ غائي بطبيعته، أي أنه موجه نحو غاية معينة، وهو ما يعني أنه في حال تجاوز شكل من اشكال التنظيم الإجتماعي لمجتمع ما فليس بوسع هذا التنظيم أن يتكرر في نفس المجتمع ، رغم ان المجتمعات المختلفة في المراحل المختلفة من تطورها قد تكرر نمطا متشابها من التطور.
وقد ذهب فوكوياما إلى القول بأن العلوم الحديثة و الرغبة في الإعتراف هما الأليتان اللتان تفرضان التطور في اتجاه واحد بانتهائه ينتهي التاريخ.
       • اضمحلال التشائم الغربي إزاء فكرة تقدم التاريخ : ومفادها أنا التشاؤم الذي ساد على الذهنية الغربية في القرن العشرين إزاء فكرة التاريخ بدء يتلاشى ، ففي القرن التاسع عشر كان معضم الأوربيون يضنون أن التقدم هو صوب الديمقراطية الليبرالية ، لكن في القرن العشرين بدأ الأوربيون الذين عايشو هذا القرن بكل أحداثه و مجرياته يشككون في عالمية مثلهم و لاسيما بعد الحربين العالميتين وظهور منافس قوي للديمقراطية الليبريالية الغربية، و المتمثل في  الشيوعية السوفيتية والذي سيستمر إلى حين سقوط الإتحاد السوفيتي ليسقط معه ذلك التشاؤم الذي خيم على الغرب لما يزيد عن الأربعين سنة .
      • إنتهاء بدائل الديمقراطية الليبرالية : بحيث يؤكد فوكوياما أنه لا يوجد في الوقت الراهن ولن يوجد لفترة طويلة أي بديل حقيقي أو ملائم للديمقراطية الليبرالية التي هي في الحقيقة خير حل ممكن للمشكلة الإنسانية ، و يعتبرأن الأصوليات الدينية و التياريات القومية تحديان ثانويان قد يخلقان بعض المشاكل لكنهما يفتقدان للعالمية ، وهنا يركز فوكوياما على الإسلام حيثث يعتبر الدول الإسلامية مجموعة تعيش خارج التاريخ الحديث ، ورغم كون الإسلام يشكل نظاما إيديولوجيا منظما له منظومته الأخلاقية و نسقه الإجتماعي و السياسي الخاص ودعوته دعوة عالمية[5]، ورغم كونه انتصر على الديمقراطية الليبرالية في عدة مناطق من العالم الإسلامي ، إلا أنه حسب فوكوياما لا يمتلك جاذبية و قبول كبير خارج العالم الإسلام.
و الجنس البشري عند فوكوياما كما لو كان قطارا من العربات الخشبية التي تجرها الجياد متجها إلى المدينة بعينها عبر طريق طويل في قلب الصحراء ، بعض هذه العربات قد حددت وجهتها بدقة و وصلت بأسرع وقت ممكن ، و البعض الآخر تعرض لهجوم من قبل الأوباش(الهنود الحمر)فظل الطريق ، و البعض الآخر أنهكته الرحلة الطويلة فقرر اختيار مكان وسط الصحراء للإقامة فيه و تنازل عن فكرة الوصول غلى المدينة ، بينما من تعرضوا للهجوم راحوا يبحثون عن طريق بديلة للوصول إلى المدينة ،وفي النهاية يجد الجميع أنفسهم مجبرين على استعمال نفس الطريق و لو عبر طرق فرعية مختلفة للوصول لغايتهم ، وفعلا تصل أغلب العربات إلى المدينة في النهاية وهذه العربات عندما تصل لا تختلف عن بعضها البعض إلا في شيئ واحد هو توقيت الوصول إلى المدينة سرعة أو بطئا بوصولها إلى الديمقراطية الليبرالية و من ثم رحلتها نهاية التاريخ[6].
المبحث الثاني: انعكاسات النظرية على العلاقات الدولية
   سنحاول في هذا المبحث الحديث عن العلاقات الدولية في عصر الإنسان الأخير(مطلب أول) أي عصر ما بعد نهاية التاريخ، وهو العصر الذي بشر به  فوكوياما أي تحقيق دولة عالمية منسجمة مبنية على الفكر الديمقراطي الليبرالي، الشيء الذي جعله يسقط في التناقضات مما جعل نظريته محط انتقادات وردود أفعال عديدة( مطلب ثاني)
المطلب الأول: العلاقات الدولية في عصر الإنسان الأخير
   تطور التاريخ نحو تكريس أنظمة ديمقراطية  ذات اقتصاد ليبرالي سيكون له نتائجه على صيرورة العلاقات الدولية، فتحقيق الدولة العالمية يعني إلغاء نظرية العبد والسيد بين الدول والأمم، أي نهاية المشاريع الامبريالية والحروب المرتبطة بها[7]، ومع ذلك فان العالم سيكون منقسم إلى شطرين رئيسيين، شطر تخطى التاريخ أو عالم ما بعد التاريخ ويتكون من الدول القومية المستقلة التي تصالحت مع الليبرالية، والشطر الثاني لا يزال غارقا في التاريخ أو العالم التاريخي ويتكون من الدول التي تأخذ  بالديمقراطية الليبرالية، وحيث إن الخط الفاصل بين العالمين يتغير بسرعة، فان من الصعب تحديده، وهذا يعني أن عدد اللاعبين في النظام الدولي المشكل في مرحلة ما بعد التاريخ سوف يتغير باستمرار نظرا لانتقال بعض الدول بين العالمين[8].
   فالصين مثلا بدت بعد أحداث ميدان "تيانانمن" الدموية في صيف 1989، ابعد ما تكون عن تحقيق الديمقراطية، غير أن سياستها الخارجية قد غدت منذ بداية الإصلاح الاقتصادي سياسة بورجوازية على نحو متزايد وملحوظ وأكثر انفتاح على الاقتصاد الدولي وهو ما ثبط كل عزم يستهدف العودة  إلى سياسة ماو الخارجية
والى جانب الصين يرى فوكوياما أن الدول الكبرى من أمريكا اللاتينية (المكسيك،البرازيل، والأرجنتين) قد انتقلت خلال الجيل الماضي من العالم التاريخي إلى عالم ما بعد التاريخ.
ويرى فوكوياما إن التفاعل بين الدول ما بعد التاريخية سيكون أساس تفاعلا اقتصاديا، حيث يشجع تكثيف النشاط الاقتصادي على قيام سياسات تعاونية اقتصادية عبر توحيد الأسواق والإنتاج، مما سيؤدي إلى تفتيت العناصر التقليدية للسيادة الدولية والتطلع إلى بناء تكتلات اقتصادية كبرى ستزيد من مستوى الرخاء الاقتصادي، ونتيجة لهذا ستفقد الإستراتيجية العسكرية، أهميتها في عالم ما بعد التاريخ.
أما العالم التاريخي فسيعرف صراعات دينية وقومية واديولوجية، وستستمر سياسة القوة والسلاح في لعب دور أساسي في التفاعلات القائمة بين الدول التاريخية وستبقى الدول المجال الأساسي للانتماء السياسي والنشاط الاقتصادي[9] .
أما التفاعلات بين العالم التاريخي وما بعد التاريخي فسيكون محدود، وسيتبلور حوا مجموعة محاور للتصادم وهي:
المحور الأول: هو البترول الذي يرتكز إنتاجه في العالم التاريخي، ويشكل مادة ضرورية وحيوية للدول المتقدمة، وإذا ما تم إخضاعه لمناورات وضغوطات ذات منحى سياسي سيكون للأمر مضاعفات اقتصادية خطيرة.
المحور الثاني: يتعلق بالهجرة التي ستشكل خطرا كبيرا على المدى البعيد، فثمة تدفقات متزايدة للمهاجرين القادمين من الدول الفقيرة نحو الغنية، ويمكن لهذه الظاهرة أن تستفحل في حالة وقوع اضطرابات كبيرة في العالم التاريخي.
أما المحور الأخير: فهي التهديدات المحتملة للنظام العالمي وللدول الغربية بفعل الانتشار الكبير للتكنولوجيا العسكرية لدى عدة دول في الجنوب خصوصا الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، ولهذا كله يطلب فوكوياما من دول ما بعد التاريخ (الشمال) نهج سياسة صارمة وحذرة اتجاه دول العالم التاريخي[10] .
   وعليه فان فوكوياما ينبه الديمقراطيات الليبرالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، أن عليها مواجهة الحقيقة المتمثلة في كون انه بانهيار العالم الشيوعي أضحي العالم الذي تعيش فيه غير عالم الجغرافيا السياسية الذي عرفته في الماضي، وان قواعد وأساليب العالم التاريخي غير مناسبة للحياة في عالم ما بعد التاريخ، فالنصف التاريخي من العالم لا يزال يتصرف وفق المبادئ الواقعية للعلاقات الدولية، وهنا تظهر الخطورة. وعلى النصف الأخر (أي دول ما بعد التاريخ) أن تطبق الوسائل الواقعية في تعاملها مع النصف التاريخي، وستضل العلاقة بين النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية تتميز بالشك والتخوف وسيظل استخدام القوة هو الحكم النهائي في العلاقات بينهم رغم الاعتماد المتزايد في الاعتماد المتبادل في الاقتصاد.
المطلب الثاني : ردود الفعل على النظرية
      إن أهم مميزات النظريات الكبرى كما يقول "رضوان زيادة" بحق أنها تحدث اثأرا وتخلف وراءها ضجيجا لا ينتهي، ونظرية نهاية التاريخ لم تكن استثناء لهذه القاعدة، فمنذ الوهلة الأولى، استقطب نشر فرانسيس فوكوياما الخطوط العريضة لنظريته في صيف 1989 كما وسبقنا وأشرنا لذلك، اهتمام الرأي العام والأوساط الفكرية والسياسية الدولية، إذ في مدة قصيرة تحول فوكوياما إلى ظاهرة ثقافية، وجذبت مقالته تعليقات ساخنة تخطت الولايات المتحدة الأمريكية إلى كل أنحاء العالم، حيث انقسمت هذه التعليقات بين مؤيد ومعارض، فأقطاب اليمين الأمريكي مثل "جورج ويل " و" تشارلز كروثامر" و"ايرفينج كرستول" و"توم وولف" احتفوا بالمقالة  وتناوبوا جميعا على امتداحها و الإشادة بعبقريتها، وكانت كلمة "عبقرية" و "ممتازة" و"دقيقة" هي التعابير المستخدمة في وصف أفكار فوكوياما والتي اعتبرت في مجلة " ذي ناشيونال انترنست" صعبة الرفض.
زاد هذا الإعجاب من حدة النقاش ففتحت المجلة صفحاتها للمنتقدين من نوع "هنتنغتون" و"راندولف" و" جون كراي" وغيرهم الذين أجمعوا أن النظرية استفزازية بالدرجة الأولى ولكنها غير مقنعة، حيث يقول هنتنغتون أن نظرية نهاية التاريخ تقوم على "أكذوبتين" هما:
-                 إن النظرية تؤكد وبشكل قوي على إمكانية التنبؤ بالتاريخ واستمرار اللحظة، علما أن التيارات الراهنة قد إلا تستمر في المستقبل وهو ما تؤكده تجارب الماضي، وبالتالي فالنظرية فيها شك.
-                 إن النظرية تتجاهل ضعف الطبيعة البشرية ولا عقلانيتها[11].
 ويرى هنتنغتون أن ثمة تحديات كبيرة تواجه نظرية نهاية التاريخ منها:
-                 حقيقة أنه قد تبهت مجموعة من الأفكار أو الاديولوجيات بل وتختفي عن الأنظار لجيل أو أكثر لتعود للظهور من جديد لكن مكتسبة حيوية من جيل أو اثنين لاحقا .
-                 أن القبول الكوني للديمقراطية الليبرالية يحول دون صراعات داخل المنظومة الليبرالية نفسها، وتاريخ الاديولوجيات يؤكد ذلك.
-                 أما "جون كراي" فقد جزم بأن النظرية تنبئ بنهاية الليبرالية وليس نهاية التاريخ ، إذ عمرنا هذا عمر يتضاءل فيه تأثير السياسة سواء الليبرالية أو الماركسية على الأحداث، ويشتد فيه التنازع فيما بين قوى عتيقة وقائمة منذ الأزل و قوى قومية ودينية وأصولية، وربما سرعان ما تكون مالتيسية[12].
ويرى كراي أن الاعتقاد بأن نهاية التاريخ يمكن أن ينتهي لان نزاعا بين اديولوجيات التنوير السريعة الزوال قد وصل نهايته، إنما يكشف عن ضيق أفاق التفكير يصعب الاطمئنان إليه، وإنما كعلامة واضحة على حالة الحياة الفكرية والسياسية مع اقتراب القرن العشرين من نهايته أن تبدو مثل هذه التأملات السخيفة قابلة للتصديق.
أما الأكاديمي الروسي " بوزديناكوف" فقد بنى نقيض نظريته على تصور فلسفي مفاده أن الإنسانية تعاني اليوم من جراء غياب هدف تعيش من أجله وفقدان الروح ، وبذلك يؤكد على حقيقة أن الديمقراطية الليبرالية تعد نجاحا حقيقيا للإنسانية، ولكنها تبقي نجاح وليس نهاية.أما "محمد نشطاوي" فيرى أن صاحب نهاية التاريخ وقع في تناقض حاد عندما بشر العالم بعالم جديد يسوده الفكر الليبرالي الديمقراطي، وهو هنا تبنى بشكل أو بأخر الفكر الشمولي الذي  يجمد التطور الإنساني ويضعه في قوالب مهيأة سلفا إنها عودة من الباب الخلفي للفكر الشمولي الذي بشر به فوكوياما نفسه.كما ان توقعات فوكوياما تبقى مجرد احتمالات شأنها شأن ما سبقها من توقعات كتلك التي أطلقها هتلر حينما تحدث عن الرايخ الثالث الذي سيعيش ألف عام، لكن التوقع  هذا اصطدم بالواقع، وكذا الماركسية، ويضيف أنه اذا أردنا أن نتحدث عن نهاية التاريخ ومعه نهاية العالم، فيجب أن نتحدث عن معطيات أخرى مرتبطة بنهايات متفرعة عن الكون بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناتج عن اتساع ثقب الأوزون وما يترتب عليه من الاختلالات الايكولوجية.

خاتمة
   إن خطاب نهاية التاريخ هو خطاب انتصاري في ثناياه روحا رسالية متعجرفة، ففوكوياما أغرته بعض النتائج الدولية وجعلته يعتقد أن الديمقراطية الليبرالية ومركزها أوروبا و أمريكا، قد حققت ذاتها وإشباعها، وبالتالي على باقي العوالم أن تلهث وتتسرع لتلتحق بالتاريخ الكوني، ومن هنا يكون الجنوب محكوم عليه بالتبعية الدائمة وسيبقى فاعلا سلبيا يملأ العالم مجاعات وتهديدات، مما سيخلق راحة وهناء عالم ما بعد التاريخ، ويرد فوكوياما أن التحولات الثورية الكبرى لا تحدث إلا في العجوز أوروبا التي كانت ولا تزال مهد فكر الحرية الإنسانية، ولذلك على البشر أن يتخلوا على كل تواريخهم  فقد أصبح التاريخ الأوروبي التجسيد المطلق للتاريخ العالمي،  ومن هذه إلا محاولة من فوكوياما لمصادرة واحتجاز حق الشعوب والحضارات في الحلم والتطلع إلى اختيار مصيرها، وفي التفكير بمستقبل يوافق رؤاها وثقافتها، ليحكم عليها بقدرها الأبدي في الخضوع لخيار واحد لا غير قد يقود في حدوده القصوى إلى الانتصار الجماعي من أجل الديمقراطية الليبرالية، وهذا إنما هو راجع لكون ثقافة الولايات المتحدة الأمريكية ثقافة مرتبطة بالمكان والجغرافية وليس بالتاريخ لأنها لا تمتلك حس تاريخي ولا ذاكرة تاريخية لذلك من الصعب على الكثير من مفكريها أن يدركوا معنى التاريخ الشامل للبشرية وجدلية الحضارات ودوريتها عبر التاريخ وإمكانية انبعاثها لإعادة تشكيل فضاءاتها بشكل مخالف للغرب[13] .




1.محمد سيف حيدرالنقيد،نظرية نهاية التاريخ وموقعها في إطار توجهات السياسة الأمريكية في ظل النظام العالمي الجديد،مركز الإمارات للدراسات و البحوث الإستراتيجية 2007 ص:53
. محمد نشطاوي،العلاقات الدولية مقترب في دراسة النظريات،المطبعة الوطنية2002ص:33[2]
.محمد سيف حيدر النقيد مرجع سابق،ص:50[3]
.محمد سيف حيدر النقيد مرجع سابق،ص:52-53[4]
.اطروحات لفهم العالم الجديد[5]
 [6]
[7] - محمد السعدي أطروحات لفهم العالم الجديد، مرجع سابق ص24
[8] - محمد سيف حيدرا النقيد، نظرية نهاية التاريخ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث،سنة 2007،ص 66
[9] - محمد السعدي، مرجع سابق، ص 26
[10] - محمد السعدي، نفس المرجع، ص 26
[11] - محمد سيف حيدرا، مرجع سابق، ص72
[12] - مالتسية: نسبة لفوضوية توماس مالتوس، والمراد من طبيعة النزاع بين القوة القومية والأصولية، سرعان ما قد تأخذ طابعا بيئويا خطيرا(نزاع حول الموارد والغذاء في ظل زيادة كبيرة لعدد سكان الأرض)
[13] - محمد السعدي، اطروحات لفهم العالم الجديد، مرجع سابق، ص 33-32

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق