السبت، 2 مايو 2015

الإرهاب الدولي و سبل مكافحته

يُعد الإرهاب بمفهومه العام، "الاستخدام غير المشروع للعنف" ظاهرة قديمة جديدة، لكن الأضواء سُلطت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الدولي، وفي ظل الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسياً، مما تسبب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.
ان مفهوم الارهاب هو مفهوم نسبي متطور يختلف من مكان الى آخر ومن شخص الى آخر ومن عقيدة او فكر الى آخر وحسب الظروف المتغيرة رغم وجود بعض القواسم المشتركة ولهذا من الصعب ان نقول بوجود مفهوم واحد للارهاب او للجريمة السياسية او للعنف السياسي يمكن ان يقبل به الجميع او يمكن ان يرضي الكل. ولهذا نعترف ان ليس هناك تعريفا محددا واضحا او دقيقا للفكر الارهابي. وقد يكون الارهاب محليا اي داخليا او دوليا يمارس على نطاق دولي، وهذا الارهاب الدولي يثير الفزع العام والخطر الشامل المنظم المتعمد ضد الانسان والدولة والمجتمع. وايا كان الارهاب محليا ام دوليا ، فهو يعد جريمة عمدية خطيرة لان الفاعل لها هو مجرم عادي لا يتمتع بأي حصانة. ونشير الى ان جرائم التطهير العرقيCrimes of Ethnic Cleansing التي ترتكب من الدولة او من الجماعات او الافراد هي من الجرائم الارهابية لانها تثير الخوف والفزع والرعب في نفوس البشر وتخالف قواعد حقوق الانسان. ومن الجرائم الارهابية ضرب الاهداف المدنية وحرق القرى والاهداف المدنية وهي من الجرائم الدولية التي لا تسقط بالتقادم.فالعمل الارهابي هو عمل اجرامي لابد من الوقوف ضده بقوة وحزم مهما كان مصدره ولا سيما ارهاب الدولة الذي يكرس عبادة الفرد. لان القائم بالعمل الارهابي لا يحترم قانون ولا يعرف الرحمة ولا الشفقة ولا يعرف القيم الاخلاقية او الدينية او الانسانية ولا يقيم وزنا للتسامح ولقيم الخير. وهذا العمل الارهابي قد يكون ارهابا داخليا محصورا في داخل الدولة او ارهابا خارجيا يمتد نشاطه الى المجتمع الدولي برعاية من دولة او اكثر او من جماعات سياسية او افراد.
والارهاب ضد الانسان يمارس احيانا باسم الدين من احزاب دينية ( سماوية او غير سماوية ) ذات اهداف سياسية واحيانا بدوافع القومية العنصرية او بدوافع مذهبية او طائفية ضيقة او للاغراض السياسية من شخص او اشخاص او جماعة او حزب. وهذا الرعب او التفزيع الذي يمارس باسم الدين لا يمكن ان ترضى به اية ديانة ، لان الديانات تقوم على التسامح والمحبة والقيم الاخلاقية ونبذ العنف وحماية الابرياء من الضرر. ولذلك فان الشخص الارهابيterrorist الذي يمارس العنف انما يقوم بذلك للوصول الى اهداف سياسية وليست دينية من خلال جرائم عادية خطيرة ومتعمدة كالقتل والسلب والسرقة والاعتداء.
اولا: اسباب التطرف والارهاب:
- الفقر والبطالة الذي يعاني منه الشخص او الاشخاص او الجماعات او قيام الدولة بتعمد خلق ظروف الفقر والبطالة بهدف ابادة الجنس البشري لكي تتخلص من عرق معين او جماعة معينة غير موالية للنظام السياسي وكذلك قيام المسؤولين في الدولة باهدار الثروات وسرقتها والتصرف بها دون حساب او رقابة او قانون ، اي بصورة مخالفة للقانون وعدم خضوع هؤلاء للحساب مما يثير رد الفعل ضدهم.
- الظلم والعدوان واستعمال القسوة ضد البشر. وبخاصة في الانظمة الدكتاتورية التي تصادر الحقوق والحريات والديمقراطية وتغييب المؤسسات الدستورية والقانون ولا تحترم حقوق الانسان وكذلك انعدام الحوار او رفضه من السلطة او لعدم الثقة بالنظام ...
-
اسباب اخرى : اجتماعية و سياسية وثقافية وتربوية.
ثانيا: وسائل التخلص من التطرف ومن ارهاب الدولة وارهاب الافراد
ايا كان القائم بالاعمال المتطرفة والارهابية ، الدولة ام الفرد ام الجماعات ، وسواء اكان الارهاب داخليا ام خارجيا ، فان هناك طرقا معروفة لمعالجة التطرف والارهاب ونبذ المغالاة والعنف والتفزيع لكي يعيش السكان المدنيون بسلام وامان ومن بينها:
-
ضرورة تعاون المجتمع الدولي ، اقليميا ودوليا ، للوقوف ضد ارهاب الدولة الذي يمارس من بعض الانظمة الدكتاتورية والتي لا تحترم مطلقا الانسان ولا حقوقه الدستورية الثابتة
ـ معالجة مشكلات الفقر والبطالة بصورة علمية وضمان الحد الادنى من وسائل العيش للانسان في الضمان المعيشي والصحي والثقافي طبقا للالتزامات الدولية والقوانين الوطنية..
- احترام حقوق الانسان والالتزام الدقيق بالمعايير الدولية لهذه الحقوق ومحاسبة الاشخاص المسؤولين عن الجرائم الدولية المرتكبة ضدها وفقا للقانون.
5 -
لما كان الارهاب يولد الرعب والخوف بين الناس فانه سيؤدي حتما الى النفاق والتملق والرياء او الصمت على الجرائم المرتكبة ضد حقوق البشر وانه يخلق حالة من ازدواجية الشخصية ، لذلك فان معالجة ذلك لا يكون الا بالتخلص من الطغيان والظلم المقترن بالحكم المطلق للفرد الذي يقود دائما الى الوقوع في الاخطاء وارتكاب الجرائم الخطيرة من الحكام.
-اشاعة الحرية في التفكير واحترام حق الانسان فيه والحرية في العقيدة والحرية في الرأي والكلام وتأسيس قواعد دولة القانون واحترام القضاء وعدم التدخل في شؤونه.
7 -
الوقوف ضد سياسة التمييز الطائفي والاقليمي والديني ومحاسبة المجرمين الدوليين الذين يمارسون هذه السياسة الخطيرة.
- ضرورة وجود قواعد التداول السلمي للسلطة وفقا لقواعد الدستور والقانون وطبقا للاحترام المطلوب للالتزامات الدولية. ومن ذلك احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام الاديان والمذاهب والمعتقدات ودون التدخل بافكار البشر او فرض العقيدة عليهم بالقوة والا سيضطر العديد منهم للمقاومة او اللجوء الى الاعمال الانتقامية او التطرف وربما الى اشد الاعمال ارهابا فمن يزرع الريح يحصد العاصفة.
- وضع برامج فاعلة لحل مشكلة البطالة وتوجيه الطاقات البشرية - وبخاصة الشباب - في اتجاهات نافعة حسب برامج تخدم المجتمع وتعزز دور الانسان في المجتمع وتوظف طاقاته في مجالات نافعة.
- ضرورة تعليم مبادئ حقوق الانسان في المراحل الدراسية الاساسية وغرس روح التسامح والمحبة والتعاون والقيم الانسانية النبيلة واحترام الحرية الدينية والفكرية ونبذ فكرة التفوق للعنصر والاجناس على غيرها وتوظيف وسائل الاعلام نحو هذا الهدف لمنع الارهاب والحد من الجرائم الارهابية وتضييق مجالاتها في اضيق مجال مع تفعيل دور القانون ودور المؤسسات الدستورية في المجتمع.

ثالثا : مقترحات وتوصيات.
السعي لوضع مفهوم متفق عليه للإرهاب، وتمييزه عن المقاومة المشروعة.
- المبادرة السريعة والجادة إلى تعزيز التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في فلسطين وغيرها.
- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير، حتى لا يكون ذلك ذريعة لأعمال عنف يختلف الناس في تسميتها بالإرهاب أو المقاومة المشروعة.
- تفعيل التعاون الدولي المنظم على أساس العدل والمساواة ورعاية المصالح المشتركة دون هيمنة أو انتقائية، وتفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة إسرائيل، والعمل على عزل هذه الدول حتى تتوقف عن ممارسة الإرهاب ورعايته..
الفصل الأول: الارهاب الدولي  وتأثيره في حقوق الانسان.
يُعرف الإرهاب على انه إثارة الفزع والهلع بين جمهور المواطنين من خلال استعمال العنف والقسوة لإثارة الخوف والرعب . ومن هذه النقطة فان الإرهاب يتعارض مع حقوق الإنسان في الأمن والعيش في سلام ، كما يدفع الدولة إلى تحويل بعض الموارد إلى مكافحته بما يعطل جهود التنمية التي لها آثار مختلفة في جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وبذلك يصبح الإرهاب متعارضا مع حقوق الإنسان من حيث اهدافه وأساليبه وطرقه وأشكاله . فهو يمثل تدميرا للحقوق وإلغاءً وقضاءً فوريا عليها ، فخطف واحتجاز الرهائن يمثل اعتداءً على الأمن والحرية الشخصية . والاغتيال يمثل اعتداءً على حق الحياة وكذلك الحال بالنسبة للتفجير إذا أن العمل الإرهابي يمثل مصادرة غير مشروعة لجملة من حقوق الإنسان.
       وإذا كان ذلك هو التأثير المباشر على حقوق الإنسان ، فهنالك تأثيرات غير مباشرة للإرهاب على هذه الحقوق ، ويتجلى ذلك في الإجراءات التي تتخذها الدول لمكافحة الإرهاب أو الحد منه والتي تحمل لا محال بين طياتها تقييدا لحقوق الإنسان وبالتالي يتراءى للمصادرة حقوقهم ، أن المقاومة والعنف وأحيانا الإرهاب خير وسيلة لاستردادها.
 فالإرهاب ظاهرة نبهت إليها الأمم المتحدة في دورتها السابعة والعشرين عام 1972 ، وكون الإرهاب هو مفهوم قانوني ذو بعد سياسي، فان هذا الأمر انعكس في مسالتين كانتا سببا في عدم التوصل إلى نتائج حقيقية بصدد استئصال جذور الإرهاب . تمثلت الأولى في عدم تناسق الآراء الدولية بشان الإرهاب ، والثانية عدم وضع تعريف موحد للإرهاب للوصول إلى اتفاقية دولية شاملة .
  فلا زالت الدول إلى الآن لم تتفق على الشكل الحقيقي للإرهاب ، فبعض الدول ترى وجوب إن يتم تمييز الإرهاب عن أشكال المقاومة وصورها ، في حين تقود الاتجاه الثاني الدول الغربية وتريد إخضاع مفهوم الإرهاب وفق معطيات سياسية. لذلك بدأت هذه الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة تفرض وجهة نظرها على قرارات الأمم المتحدة ابتداءً من القرار رقم 46 في 9/12/1991 حيث تغيّر عنوان الاتفاقية من "التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الذي يعرض للخطر أرواحا بشرية بريئة ودراسة الأسباب الكامنة وراء اشكال العنف الناجمة عن البؤس وخيبة الأمل والقنوط إلى عنوان مختصر دون تبرير التدابير الرامية للقضاء على الإرهاب الدولي. ومن هنا تثار العديد من الأسئلة والأسئلة المضادة حول الارهاب وعلاقته بحقوق الانسان ومن بينه
1.    هل ثمة علاقة مباشرة بين العمليات الارهابية وحقوق الانسان ، وبالتالي هل هناك أثر مباشر بينهما؟
2.    هل هناك امكانية لمحاربة الارهاب دون المساس بالحقوق الاساسية للإنسان؟
3.    وقبل ذلك كله، هل ثمة اتفاق او تعريف موحد للإرهاب بين الدول؟
4.    وكيف يمكن التفريق بين مكافحة الاستعمار والاحتلال واستعمال القوة المفرطة احيانا والتي يراها البعض اعمالا ارهابية ؟.
5.    كيف تعاملت الدول مع طبيعة الارهاب ومكافحته؟ وهل تمكنت من الحد من آثاره ان لم تتمكن من القضاء عليه؟
الفصل الثاني: تفجيرات 11 أيلول وإثرها في النظام العالمي.
بصرف النظر عن من خطط وتابع ونفذ تفجيرات واشنطن ونيويورك ، فان جملة تساؤلات تطرح نفسها قبل الاجابة على الكثير من العلامات الفارقة التي ظهرت في النظام العالمي الآحادي الذي ساد في العقد الاخير من القرن العشرين ؛ وأبرزها :هل ان النظام العالمي الذي فُرض لبى طموحات من فرضه؟ وهل ان النتنائج التي افرزتها وقائع العقد الاخير كانت متطابقة للاهداف التي خُطط لها؟ وهل ان المتغيرات الحاصلة على الساحات الاقليمية والدولية كانت كافية لاقناع واشنطن بابقاء النظام العالمي على ما هو عليه؟ وهل هنالك أي شك بأن حركة التاريخ في صعود القوى وانهيارها هي متغيرة بتغير الكثير من العوامل والظروف ؟ وهل ان التقدم التكنولوجي الهائل في مجالالت المعلوماتية وما افضت اليه لن تستخدم في حكم الشعوب والامم ؟ وبالتالي ما هي القوانين التي ستحكم النظام العالمي والاسس التي يبنى عليها في معرض تفجيرات 11 ايلول ؟ وهل ان ما تطالب به واشنطن يمكن توحيد الرؤية العالمية حوله ان لم يكن بالامكان تطابقه وخصوصا قضايا الارهاب ، العنوان الرئيس لحملة التأديب الامريكية للعالم؟
خاتمة:
ربما تكون هذه النظرة التشاؤمية مغالا فيها بعض الشيء ، الا انها من الصعب ان تخرج عن هذا السياق بشكل عام ، وهذا لا يعني بالضرورة استمرارها الى الابد ، فحياة الامم والشعوب متغيرة ، كما ان الدول والانظمة العالمية؛ فالتاريخ كما القديم ، الحديث والمعاصر شهد متغيرات كثيرة ومتسارعة وفي احيان كثيرة لم يقبلها العقل البشري بسهولة من انهيار امبراطوريات واحلاف ونظم لم يكن يتخيل احدا بأنها ستزول بهذه السرعة، عدا عن الايديولوجيات والمعتقدات ،التي كان لها نصيب وافر من هذه التغيرات الدراماتيكية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق